أنت من أهل النار.
فقال الرشيد : وأنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة. فارتابت قلوبهما فبعثا إلى أبي يوسف (١) ، واستدعياه ، فاستفتياه. فقال :
يا أمير المؤمنين : هل تخاف مقام ربك (ولك) (٢) جنتان (٣) ، وأم جعفر حلال كما كانت؟ فسري (٤) عنهما وأمر له بصلة وخلعة.
ناظر بعض الفقهاء يحيى بن آدم (٥) فقال :
أما تستحي! تزعم أن شيئا قليله حلال وكثيره حرام؟ أفي كتاب الله وجدت هذا أم في سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال يحيى :
نعم وجدت هذا في كتاب الله تعالى : إن الله أحل من نهر طالوت غرفة وحرم ما سواها (٦) ، وأحل لمن اضطر إليها بقدر ما يقيمه ، وحرّم عليه الشبع ، وأحلّ من النساء أربعا (٧) وحرّم الخامسة. ولو لا الرابعة لحلت الخامسة. فأفحمه.
دعا بعض العلماء رئيسا باسمه. فغضب ، وقال له :
أين التكنية لا أبا لك؟ فقال :
__________________
(١) أبو يوسف : هو يعقوب بن إبراهيم بن خنيس بن سعد من أهل الكوفة وهو صاحب أبي حنيفة ، وأفقه أهل عصره. ولد سنة ١٣٠ ه ، وتوفي سنة ١٨٢. انظر : وفيات الأعيان ٥ / ٤٣٠.
(٢) زيادة ليست في الأصل.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) الرحمن : ٤٦.
(٤) زيادة ليست في الأصل.
(٥) يحيى بن آدم بن سليمان الأموي يكنى أبا زكريا. قال عنه ابن شيبة : إنه ثقة كثير التحديث. مات سنة ثلاث ومائتين.
تهذيب التهذيب ١١ / ١٧٥.
(٦) إشارة إلى قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) البقرة : ٢٤٩.
(٧) إشارة إلى قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) النساء : ٣.