قال يحيى بن خالد (١) لابن السماك :
عظني.
فقال : لقد خاب وخسر من لم يكن له [مكان] في جنة عرضها السموات والأرض (٢). فسكت.
وقال بعض الملوك لمنصور بن عمار (٣) : عظني واوجز.
فقال : ما أرى إساءة تكبر عن عفو الله ، ولا تيأس من روح الله (٤). وربما أخذ الله على الصغيرة فلا تأمن مكر الله.
وقال بعض الخلفاء لبعض الزهاد :
هات عظني. فقال : لقد وعظك الله أحسن العظة ، فقال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٥).
وقال بعضهم :
لو علم الله أن العدل يكفي عباده لما قرن (٦) به الإحسان في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (٧).
__________________
(١) يحيى بن خالد بن برمك ، عهد إليه المهدي تربية ابنه الرشيد فكان الرشيد يسميه أبي. توفي سنة ٢٩٠ ه. انظر : وفيات الأعيان ٥ / ٢٧٢.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) آل عمران : ١٣٣.
(٣) منصور بن عمار ، أحد كبار الزهاد الوعاظ له مواعظ وأخبار كثيرة. انظر حلية الأولياء ٩ / ٣٢٦.
(٤) إشارة إلى قوله تعالى : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) يوسف : ٨٧.
(٥) النحل : ٩٠.
(٦) في الأصل : (فدن).
(٧) النحل : ٩٠.