كل ما أراد ، فجعل عثمان يقول : (الله يعلم حيث يجعل رسالته) (١).
وكتب بعض البلغاء : ما أقول في قوم هم حجة الله على الورى ، وفيهم أنزل هل أتى (٢) و (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٣).
فصل
في فقر من أخبارهم
انصرف علي بن الحسين رضي الله عنهما (٤) تعتاله العلة إلى الكوفة بعد المقتل (٥) وإذا نساء الكوفة متهتكات ، متسلبات للمصيبة ، والناس بين أنّة ورنّة (٦) فأومأت زينب ابنة علي رضي الله عنهما إلى الناس بالسكوت. فسكتت الأنفاس ، وهدأت الأجراس. ثم قالت (٧) :
__________________
(١) من قوله تعالى في الأنعام : ١٢٤ (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).
(٢) إشارة إلى قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً). وذكر الواحدي في أسباب النزول ص ٢٥١ أن سبب نزول هذه الآية أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سقى ليلا وأخذ شعيرا أجرا على عمله هذا ، فلما قبضه وطحن ثلثه وجعلوا فيه شيئا ليأكلوا يقال له الخزيرة فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا له الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه ، وطووا يومهم ذلك فنزلت هذه الآية.
وهناك رواية أخرى لسبب نزول الآية في الكشاف ٤ / ١٧٤ تفسير البيضاوي ٧٧٥ وفيهما : أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أناس معه فقالوا له : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما رضي الله عنهم صوم ثلاثة أيام إن برئا فشفيا وما معهم شيء فاستقرض علي كرم الله وجهه من شمعون الخيبري ثلاثة أصوع من شعير فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة أقراص فوضعوه بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم مسكين فآثروه وباتوا لم يذوقوا شيئا .. الخ فنزلت الآية.
(٣) الشورى : ٢٣.
(٤) في الأصل : «يعتال الله» والصواب ما أثبتناه ومعناه خرج عليلا.
(٥) في الأصل : «المضل متسيلبات» ويقال سلبت المرأة إذا كانت محدة تلبس ثياب السواد.
(٦) في الأصل : (وربه).
(٧) في بلاغات النساء : ٢٥ أن الخطبة لأم كلثوم ابنة علي وليست للسيدة زينب وفي رواية الخطبة خلاف في بعض الألفاظ وزيادة ونقصان.