القاطع لرحمه ملعون. برهان ذلك قوله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (١).
قال مجاهد :
قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) ... (٢).
وقرأت في كتاب كتبه المنصور إلى عبد الله بن علي (٣). وهذا مكان فصل منه :
أما بعد ، فإني نظرت إلى أمرك ، وما ركبت من نصيبك ورحمك ، وخدمتك (٤) ، وخاصك ، وعامتك ، فلم (٥) أجد لذلك مثل مدافعة قطيعتك بالصلة ، ومباعدتك بالمقاربة ، وكثرة ذنوبك بقلة التثريب (٦).
ووجدت ذلك في أدب الله تعالى ، وأمره. فإنه قال : عز من قائل : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (٧) ولعمرك ما فرّق كلّ حميم مثل نزغة الشيطان (٨). وإني أذكر الله الذي هو آخذ بناصيتك ، وحائل بينك وبين
__________________
(١) محمد : ٢٢ ، ٢٣.
(٢) الإسراء : ٢٦. ويبدو أن هناك سقطا بعد القول.
(٣) في الأصل : (عبد الله بن معلى) وهو خطأ في النسخ والصواب ما أثبتناه ، وقد ورد في تاريخ الطبري ٩ / ١٧٢ أن المنصور لما عزل سليمان عن البصرة توارى عبد الله بن علي وأصحابه فبلغ ذلك المنصور فكتب إلى والي البصرة أن يرسل إليه عبد الله بن علي وله الأمان ، فلما أتى بعبد الله وجماعته إلى المنصور حبسهم ، وقتل بعضهم. وانظر أيضا : الكامل لابن الأثير ٥ / ٤٩٦ ، البداية والنهاية : حوادث سنة ١٣٩.
(٤) في الأصل : (وخدمتك).
(٥) في الأصل : (فكم).
(٦) التثريب كالتأنيب والتعبير والاستقصاء في اللوم. الصحاح (ثرب).
(٧) فصلت : ٣٤.
(٨) كذا في الأصل ولعل صوابها ما فرّق بين حميم وحميم مثل .. وفيه إشارة إلى قوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) فصلت : ٣٤.