فصل
في ذكر أبي بكر الصديق
قال الله تعالى في شأن الصديق : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) (١) وقال في مصاحبته رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغار : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) (٢) حتى صارت هذه الكلمة مثلا لكل متآخين (٣) متصافيين يقتربان ، ولا يكادان يفترقان.
كما قال أبو تمام :
ثانيه في كبد السماء ولم يكن |
|
لاثنين ثان إذ هما في الغار (٤) |
وكان النبي صلىاللهعليهوسلم استشاره وعمر رضي الله عنهما في أسرى قريش ، فأشار أبو بكر بالمنّ عليهم ، وإطلاقهم. وأشار عمر بعرضهم على السيف ، واستقصاء أموالهم. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : الحمد لله (الذي) (٥) أيدني بكما. أما أحدكما ، فسهل رحيم رفيق ، مثله كمثل إبراهيم عليهالسلام إذ قال : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦) ، وكمثل عيسى عليهالسلام إذ قال : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ
__________________
(١) الزمر : ٣٣.
(٢) التوبة : ٤٠.
(٣) في الأصل : (متواخين).
(٤) البيت في بدر التمام ج ١ / ٣٦٢ من قصيدة يمدح بها المعتصم ومطلعها :
الحق أبلج والسيوف عوار |
|
فحذار من أسد العرين حذار |
وذكر الصولي أن البيت يروى : (لاثنين ثالث إذ هما).
(٥) زيادة ليست في الأصل.
(٦) إبراهيم : ٣٦.