وإبراهيم عليهالسلام (من) (١) والده. ورأينا صاحب الشريعة صلوات الله عليه وصل أرحام أهله ، وقطعها بالحق. وسنّ (٢) ذلك لمن بعده من هذا الخلق. ولم يكن بجبار بقربة مولانا الملك رحما ، ولا ألصق به نسبا ، ولا أيسر عنده ذنبا ، ولا أخف جريرة ، وجرما من نوح إلى ابنه (٣) ، ومن إبراهيم إلى أبيه ، ومن أبي لهب وهو العم غير مرفوع ، وصنو الأب غير ممنوع. فما حميتهم عروق الوشيجة (٤) بينهم وبين الأنبياء المقربين من الأفعال الذميمة. ثم لم يرض الله تعالى ذكره بأن يجعل هذه القطيعة واجبة مع الخلاف في الدين حتى أوجبها مع العداوة بين الأقارب من المؤمنين فأعلمهم نصا أن من أزواجهم وأولادهم عدوا لهم (٥) فأمرهم وحذرهم من شره ، وشحنائه.
ونسب (٦) لأبي الحسين المرادي (٧) في الأمير نوح الأكبر (٨) رحمهالله لما رجع من بخارى بعد إنجازه منها إلى سمرقند :
إن كنت نوحا فقد لاقيت كفّارا |
|
فلا تذر منهم في الأرض ديارا (٩) |
فإن تذرهم يضلوا ثم لا يلدوا |
|
إلّا ـ بربك ـ كفارا وفجارا (١٠) |
__________________
(١) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل والقول إشارة إلى قوله تعالى في سورة الممتحنة : ٤.
(٢) في الأصل : (وشنّ).
(٣) في الأصل : (أبيه).
(٤) في الأصل : (الرشيحة) والوشيجة هي الرحم والقرابة.
(٥) نص الآية الكريمة : (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) التغابن : ١٤.
(٦) في الأصل : (أنسيت).
(٧) في الأصل : (الحسن) والصواب أبو الحسن وهو محمد بن محمد المرادي شاعر من شعراء بخارى. ترجم له الثعالبي في يتيمة الدهر ٤ / ٧٤ : ٧٦.
(٨) نوح الأكبر هو نوح بن نصر بن أحمد الساماني أبو محمد أمير. كان صاحب ماوراء النهر ، وليها بعد وفاة أبيه سنة ٣٣١ ه.
وأقام ببخارى توفي نحو ٣٤٣ ه. انظر : اللباب ١ / ٥٢٣ ، وانظر أيضا : طبقات سلاطين الإسلام : ١٢٨.
(٩) البيت إشارة إلى قوله تعالى في سورة نوح : ٢٦ (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً).
وديار : أي أحد. انظر : الصحاح (دور) ، لسان العرب (دور) وأصل رواية البيت إذ كنت.
(١٠) البيت إشارة إلى تتمة الآية السابقة (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً).