وقد جمع الله آداب الحرب بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (١).
فأمر أولا بالثبات عند لقاء العدو ، ثم بذكر (٢) الله الذي به يستنزل النصر ، ثم بطاعة الله التي لا بد منها في جميع الأحوال ، ثم بطاعة الرئيس التي لك غنمها ، وعليك عدمها ، ثم نهى عن التنازع المؤدي إلى التخالف ، وذهاب الريح ، وكلال الجدّ (٣) ثم أمر بالصبر الذي هو ملاك الأمر. ومن أخذ بهذه الآداب الحسنة في الحرب فلا بد من إفلاحه وإنجاحه.
قال بعض أصحاب الجيوش :
التعزير (٤) مفتاح البؤس ، وقد نهى الله عن ذلك فقال : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٥).
ومن وهن الأمر إعلانه قبل إحكامه. وقد ذمّ الله الإذاعة فقال : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) (٦).
استأذن بعض أصحاب أبي مسلم إياه في الانصراف ، وهو في بعض الحروب فقرأ بعض قوّاده : (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
__________________
(١) الأنفال : ٤٥ ، ٤٦.
(٢) في الأصل : (يذكر).
(٣) الجد : الرزق والعظمة. القاموس المحيط (جدد).
(٤) التعزير : التعظيم ، ولعل المقصود بها المبالغة في التعظيم كما نهى الله سبحانه في الآية المذكورة عن الإسراف المؤدي إلى التهلكة.
(٥) البقرة : ١٩٥.
(٦) النساء : ٨٣.