المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الثعالبي
لا نظن القارئ بحاجة إلى تعريف بالثعالبي ؛ فهو من الشهرة بمكان يغني محقق كتبه عن كتابة تفصيل عن حياته في مقدمة ما ينشر.
ويكفي أن نذكر فقط أنه أبو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل ، المولود في نيسابور سنة ٣٥٠ ه ، والمتوفى سنة ٤٢٩ ه (١). وأن لقبه الثعالبي إما نسبة إلى مهنة خياطة جلود الثعالب ، أو الشغل بفرائها. وهي مهنة امتهنها بعض أهله فتلقب بها ..
ولا نعني بالتعريف به سلسلة النسب أو سيرة حياته الشخصية ، فهاتان المعرفتان مما تفتقد إليهما سيرة الثعالبي نفسها ، إذ لا تجد في تراجم من كتب عنه توضيحا لجوانب حياته الأولى ، وكل ما تجده إشارات عابرة لا تختلف عما يذكر عن الأدباء والشعراء عامة. وهي لا تختلف هما يذكر عن متوسطي الثقافة والمال ؛ الانخراط مع الصبيان في الكتاب (٢) ، أو الاشتغال بمهمة تعليم الصبيان نفسها. إلا أن كتبه أفادتنا كثيرا من خلال ملاحظاته العابرة التي أنارت بعض الجوانب المتعلقة بنضجه الفكري والأدبي. فقد ذكر مؤدبا له علّمه الشعر واللغة (٣) ، وأشار إلى علاقاته بأصدقائه من الأدباء أو رجال الدولة من الأمراء والوزراء.
__________________
(١) زهر الآداب ٣١٢ / ٥٠٢ ، معاهد التنصيص ٣ / ٢٦٦ ، دمية القصر ٢ / ٢٢٦ وفيات الأعيان ٣ / ١٨٠ ، شذرات الذهب ٣ / ١٤٦ ، العبر في خبر من غبر / ١٤٦.
(٢) دراسة توثيقية ٢٤١.
(٣) اللطف واللطائف : ٢٩ ، القاهرة ١٣٢٤ ه ١٩٠٦ م وهنا اختلف الباحثون في تحديد الخبر الوارد ؛ لأن الأبيات التي أوردها الثعالبي قالها في مؤدب علّمه الشعر واللغة. فهل هو مؤدب خاص انتدبه أهله له لتعليم ابنهم أم (ملاحظات ص ٢٠٣) إنه أحد معلمي الكتاتيب علق شخصه في ذهن الثعالبي ، فذكره في أبيات معظّما مكانته. وقد ذهب الأستاذ هلال ناجي إلى استنتاج مفاده أن الثعالبي لم يكن من عائلة فقيرة ، أو متوسطة الحال ، إنما من عائلة انتدبت مؤدبا لتأديب ابنها عبد الملك ، بينما رأى آخرون أنه كان من أسرة فقيرة الحال دفعت به إلى الكتاتيب في نيسابور ، ليتلقى العلم مستفيدين من النص منه.
دراسة توثيقية ص ٢٤١.