(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١).
وعاتب الله قوما في إمساكهم عن الإنفاق فقال :
(لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) (٢).
قال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي (٣) :
إنك متلاف (٤).
فقال : يا أمير المؤمنين منع الجود (٥) سوء الظن بالمعبود. وهو تعالى يقول : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٦).
وقد قيل في تفسير قوله : (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) : إن المخلوق يرزق ، فإذا سخط قطع الرزق. والخالق تعالى يسخط (٧) فلا يقطع الرزق.
دخل الفرات بن زيد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعطي الناس ، فتمثل بقول المتلمس (٨) :
__________________
(١) الحشر : ٩.
(٢) الإسراء : ١٠٠.
(٣) محمد بن عباد المهلبي من أبناء المهلب بن أبي صفرة. أمير البصرة زمن المأمون. توفي نحو ٢١٦ ه. وله أخبار في الأغاني ط ساسي ج ٥ / ٢٤ ، ٦ / ١٦٧ ، ٩ / ٩٣ ، ٩٤.
(٤) النص في نهاية الإرب ٣ / ٢٩٥ وربيع الأبرار ٣ / ٧٠٣ وفيه أن المأمون أمر له بمائة ألف وقال : إن مادتك والله مادتي ، فأنفق ولا تبخل.
(٥) في الأصل : (الموجود).
(٦) سبأ : ٣٩.
(٧) في الأصل : (سخط).
(٨) المتلمس هو جرير بن عبد العزى شاعر جاهلي وهو خال طرفة بن العبد. انظر : خزانة الأدب ٣ / ٧٣ ، ديوانه بتحقيق حسن كامل الصيرفي. القاهرة ١٩٧٠ والبيتان في ديوانه ق ٢ ص ١٧٢.