فصل
في الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهماالسلام
قيل للحسن البصري وقد اشتد جزعه على أخيه سعيد : أنت تنهى عن الجزع ، وقد صرت منه إلى غاية. فقال : سبحان من لم يجعل الحزن عارا على يعقوب. فجعل جوابه احتجاجا. يريد قوله عزوجل : (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) (١).
وقيل له : أيكذب المؤمن؟
فقال : أنسيتم إخوة يوسف (٢).
وتكلم يوما فارتفعت أصوات من حوله بالبكاء فقال :
عجّ كعجيج (٣) النساء ، وبكاء كبكاء إخوة يوسف.
قال الشعبي : حضرت شريحا (٤) وبين يديه امرأة تخاصم زوجها وتبكي.
فقلت لزوجها : يا فلان ، هذه مظلومة.
فقال : يا هذا إن إخوة يوسف (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ) (٥) وهم ظالمون.
حكى الجاحظ (٦) قال :
__________________
(١) يوسف : ٨٤.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى : (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ) يوسف : ١٦.
(٣) العجيج : ارتفاع الصوت والضجيج. وفي الأصل : (كعجيج النساء ولا عزم وبكاء).
(٤) شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم يكنى أبا أمية من أشهر القضاة في صدر الإسلام. ولي قضاء الكوفة زمن عمر وعثمان وعلي ومعاوية واستعفى أيام الحجاج فأعفاه سنة ٧٧ ه. توفي بالكوفة نحو ٧٨ ه. انظر : لطائف المعارف : ١٤٠.
حلية الأولياء ٤ / ١٣٢ انظر أخباره كتاب القاضي شريح للدكتور بدري محمد فهد.
(٥) يوسف : ١٦.
(٦) الخبر في الحيوان ٦ / ٤٧٧ وفيه يقول : إن اسم الذئب الذي أكل يوسف رجحون. فقيل له : فإن يوسف لم يأكله الذئب. وإنما كذبوا على الذئب ، ولذلك قال الله عزوجل (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) قال : فهذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف.