فيا ليت شعري إذ ضربت به الصّفا |
|
أيبعث لي منه جداول سيّحا |
كتلك التي أبدت ثرى الأرض يابسا |
|
وأبدت عيونا في الحجارة سفّحا (١) |
سأمدح بعض الباخلين لعله |
|
إن اطّرد المقياس أن يتمسحا |
ولو لم يفترع إلّا هذا المعنى البكر (٢) ، لكان من أشعر الناس ، إذ شبّه مديحه بعصا موسى التي ضرب (بها) (٣) البحر فيبس ، فضرب بها الحجر فانبجس (٤) ، وذلك أن ابن الرومي مدح جوادا فبخل ، فقال سأمدح بخيلا (٥) لعله أن يجود (٦) على هذا القياس.
لما فلج أحمد بن أبي دؤاد وكسر (٧) لسانه ، قال فيه أبو السمط :
ما ضرّ أحمد من كسر اللسان وقد |
|
أضحت إليه أمور الناس يمضيها (٨) |
موسى بن عمران لم ينقص نبوته |
|
كسر اللسان لأحكام يقضّيها |
بل كان أدّى على عيّ بمنطقه |
|
رسائل الله بالآيات يبديها |
لسان أحمد سيف مسّه طبع (٩) |
|
من علّة وشفاء الله جاليها |
__________________
(١) في الأصل : (كهلك التي أبدت قرى يابسا) والبيت إشارة إلى قوله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) البقرة : ٧٤.
(٢) في الأصل : (لو لم يقترع إلا هذا المعنى الذكر).
(٣) زيادة ليست في الأصل.
(٤) انبجس : أي انفجر.
(٥) في الأصل : (نخيلا).
(٦) في الأصل : (يجوز).
(٧) في الأصل : (أحمد بن داود بكسر) وقد ذكر الثعالبي في كتاب ثمار القلوب ، ص ١٦٣ ، أن فالج أحمد بن أبي داود ضرب به المثل ، لأنه كان قاضي قضاة المعتصم ، والواثق وكان من الشرف والكرم بالمنزلة العالية ، وكان مصروف الهمة إلى استبعاد الأحرار وغرضا لمدائح الشعراء. ولما أصابته عين الكمال فلج فصار ، فالجه مثلا في أدواء الأشراف وعاهاتهم.
(٨) يمضيها : أن ينفذها ، لسان العرب (مضا).
(٩) الطبع : الصدأ ، الصحاح (طبع).