سبّ رجل رجلا بحضرة (الحسن) (١). فلما فرغ قام المسبوب ، وهو يمسح العرق عن وجهه ، ويقرأ : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٢) قال الحسن : عقلها والله ، وفهمها ، إذ ضيّعها (٣) الجاهلون.
ولما نكب المنصور أبا أيوب المورياني (٤) استدعاه إلى حضرته وجعل يوبخه ، ويقرعه. فقال أبو أيوب :
يا أمير المؤمنين. ما أسألك أن تعطف علي بحرمة ، ولا تقيلني لخدمة ، ولكن استعمل فيّ أدب (الله) (٥) تعالى في أنه يقول : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ) (٦) (عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) (٧).
وقد عفا الله عن ذنوب علم حقائقها ، وقبل توبة عرف ما كان قبلها (٨).
فقال المنصور : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٩).
__________________
(١) في الأصل : (بحضرة).
(٢) الشورى : ٤٣.
(٣) في الأصل : ضيع.
(٤) في الأصل : (المرزباني) والصواب المورياني نسبة إلى موريان من قرى الأحواز. كان المنصور قد اشتراه صبيا قبل الخلافة.
وثقفه ثم اختصه السفاح أيام خلافته ، واستوزره المنصور بعد نكبة البرامكة ، ثم نكبه. انظر : الوزراء والكتاب الجهشياري ١٢١ ، الفخري ١٢١ الكامل ٥ / ١٥٣.
(٥) زيادة ليست في الأصل.
(٦) في الأصل : (عن).
(٧) الشورى : ٢٥.
(٨) نكب المنصور أبا أيوب المورياني كما يذكر ابن الطقطقي ، لأنه عهد إليه بعمارة أرض الأحواز ، وأعطاه ثلثمائة ألف درهم فأخذ أبو أيوب المال ، ولم يصنع بالضيعة شيئا. وصار في كل سنة يحمل عشرين ألف درهم. ويقول : هذه حاصل الضيعة المستجدة. ثم وشي به عند المنصور. فذهب بنفسه إلى الضيعة. وتأكد من خيانة أبي أيوب فنكبه ، وقيل : لأن المورياني سمّ ابنا من أبناء المنصور وقتله حسدا لمكانته العظيمة في نفس المنصور ولم يكن يعلم أن الفتى الذي اختصه المنصور هو ابنه.
انظر : الوزراء والكتاب للجهشياري : ١٢٢ ، الفخري ١٢٨.
(٩) يونس : ٩١.