وهم صاغرون (١). اللهم إنا أصبحنا نطلب رضاك ، ونجاهد من عاداك وعبد معك إلها سواك. اللهم فانصر عبادك المؤمنين على عبادك المشركين. اللهم شجّع جبانهم ، وثبّت أقدامهم ، وزلزل أقدام أعدائهم ، واقذف الرعب في قلوبهم ، وأيد خضراءهم ، واستأصل شأفتهم (٢) ، واقطع دابرهم ، وأورثنا أرضهم وديارهم وأموالهم. وكن للمسلمين وليا ، وبهم حفيا (٣) ، وثبّتهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا ، وفي الآخرة يا أرحم الراحمين (٤).
وخطب يوما فقال بعد حمد الله ، والثناء عليه :
أيها الناس إني قائل قولا من وعاه فعلى الله جزاؤه. ألا إن الموعظة حياة ، والمؤمنون إخوة ، وعلى الله قصد السبيل. ولو شاء لهداكم أجمعين فأتوا الهدى تهدوا ، واجتنبوا الغي ترشدوا ، (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٥).
فصل
في مكاتباته
كتب إلى خالد بن الوليد ومن معه من المهاجرين والأنصار (٦) :
أما بعد ، فالحمد لله الذي أنجز (٧) وعده ، ونصر عبده (٨) ، وهزم الأحزاب وحده. وقد فرض على عباده الجهاد فقال : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ
__________________
(١) من قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) الوبة : ٢٩.
(٢) في الأصل : (شفأتهم) والشأفة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب. يقال في المثل استأصل الله شأفتهم : أي أذهبهم الله كما أذهب تلك القرحة بالكي ، انظر الصحاح : (شأف).
(٣) حفيا من الحفاوة وهي المبالغة بالعناية. منه يقال حفيت به حفاوة ، وتحفيت به أي بالغت في إكرامه وإلطافه. الصحاح (حفا).
(٤) إشارة إلى قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) إبراهيم : ٢٧.
(٥) النور : ٣١.
(٦) الخطبة في فتوح الشام : ٤٦.
(٧) في الأصل : (انحزم).
(٨) في الأصل : (عزه) وفي فتوح الشام (ونصر دينه ، وأعز وليه وأذل عدوه ، وغلب الأحزاب بعده ..) وبعدها نص غير موجود أعلاه.