والله ما عفا عني المامون صلة لرحمي ، ولا تقربا (١) إلى الله بحقن دمي ، ولكن قامت له سوق في العفو ، فكره أن يقدح (٢) فيها فيها بقتلي.
فقال سليمان : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (٣). أما المأمون فقد فاز بذكرها ، وفضلها ، وجميل الأحدوثة عنها (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (٤). قال الله تعالى : (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (٥).
قال أبو تمام :
أشكر نعمى منك مكفورة |
|
وكافر النعمة كالكافر (٦) |
قال البحتري :
سأجهد في شكر لنعماك إنني |
|
أرى الكفر للنعماء ضربا من الكفر (٧) |
__________________
(١) في عيون الأخبار ١ / ١٠٠ : ولا محبة لاستحيائي ، ولا قضاء لحق.
(٢) يقدح : أي يطعن. والخبر في عيون الأخبار ٢ / ٢٥٢ : عمومتي ، ولكن قامت له سوق في العفو ، فكره أن يفسدها بي. انظر أيضا : الخليفة المغنى : ٨٧.
(٣) عبس : ١٧.
(٤) الكهف : ٢٩.
(٥) النمل : ٤٠.
(٦) البيت الأول في بدر التمام في شرح ديوان أبي تمام ١ / ٥١٦ وتمثل به الثعالبي في المنتحل : ٨٩ وهو من قصيدة يمدح بها أبا سعيد ، ومطلعها :
قل للأمير الأريحي الذي |
|
كفّاه للبادي وللحاضر |
(٧) البيت الثاني من قصيدة يمدح بها المعتز ومطلعها :
حبيب سرى في خفية وعلى ذعر |
|
يجوب الدجى حتى التقينا على قدر |
ديوان البحتري ج ١ / ١٠٥٤.