نعم ، سمعت الله تعالى يقول : (لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) (١) فأحببت تفخيم الخير. فقال تعالى (٢) : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (٣). [وقال الشاعر] :
إن يكن عاقك عن إنجاز ما أنفقت خطب |
|
فتأوّل في كتاب الله فيما يستحب |
لن ينال (٤) البّر منفق مما يحب |
وقال الله تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) (٥).
قال أبو الفتح كشاجم (٦) مقتبسا :
والمؤثرون على النفوس هم الأولى |
|
فضلوا الورى بشمائل وخلائق (٧) |
قال الحجاج :
كنت أشتهي أن أدرك ثلاثة ، فأتقرب إلى الله بدمائهم :
أبا سماك الأسدي (٨) ، فإنه ضلّ له بعير يعز عليه فقال : يا رب ، لئن لم ترد علي ضالتي لا صلّيت ، ولا زكّيت فوجدها ، فقال يخاطب نفسه : عرف ربك صبري ، عرفك ، فرد
__________________
(١) من قوله تعالى في سورة الحج : ٣٦ (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ).
(٢) في الأصل : (نقال).
(٣) آل عمران : ٩٢ ، وما بين القوسين زيادة في الأصل.
(٤) في الأصل : (لن ينالوا).
(٥) الحشر : ٩.
(٦) كشاجم هو محمود بن الحسين بن السندي شاعر أديب ومن الكتاب المشهورين توفي نحو ٣٦٠ ه. انظر الفهرست لابن النديم ٢٠٦.
(٧) في الأصل : (نفوسهم الأولى) وهي زيادة من النساخ والبيت من ديوانه ق ٣٦ ص ٢٧١.
(٨) أبو سماك الأسدي هو سمعان بن هبيرة بن مساحق بن بجير بن أسامة. انظر : نوادر المخطوطات م ٥ / ٢٨٢. وفي جمهرة الأمثال للعسكري ١ / ٥٧٢ أبو سمال.