وكان ابن عباس إذا قرأ : (ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) (١). قال : أنا من القليل.
٢ ـ ١٠٧ ـ ٣ وكان يقول : لا يحل شري المغنيات (٢) ، ولا بيعهن ، ولا التجارة في أثمانهن. ثم يتلو : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٣).
لما قدم عروة بن الزبير (٤) من الشام (٥). وقد أصيب في سفره برجله وابنه محمد (٦) ترك في محله فقال : (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) (٧).
أصبح ابن عباس ذات يوم مهموما فسئل عن ذلك فقال : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨). وقد رأيت البارحة كأن أبا قبيس (٩) صار دخانا. ثم طار قطعا وفيه الصفا (١٠) وهو ركن من أركان الإسلام. فما أوّلت ذلك إلا بوفاة أمير المؤمنين علي. فما لبث أن ورد نعيه.
__________________
(١) الكهف : ٢٢.
(٢) في الأصل : (المقنات).
(٣) لقمان : ٦.
(٤) عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب. أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ، ويكنى أبا عبد الله توفي سنة ثلاث وتسعين. الطبقات لابن خياط ٢٤١ ، نسب قريش : ٢٤٣.
(٥) في التعازي للمدائني : ٤٤ أن عروة بن الزبير قدم على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد بن عروة ، فدخل محمد دار الدواب ، فضربته دابة ، فخر وحمل ميتا ، ووقع في رجل عروة الأكلة ، ولم يدع ورده تلك الليلة. فقال له الوليد : اقطعها وإلا أفسدت عليك سائر جسدك فقطعت بالمنشار وهو شيخ كبير ولم يمسكه أحد فقال : (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً).
(٦) في الأصل : (محمدا).
(٧) الكهف : ٦٢.
(٨) البقرة : ٣٠.
(٩) أبو قبيس : جبل مشرف على الحرم المكي. انظر معجم البلدان : ٤ / ٣٤.
(١٠) الصفا : جبل بين بطحاء مكة والمسجد ، وهو يكوّن المكان المرتفع من جبل أبي قبيس بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي. انظر : معجم البلدان ٣ / ٣٩٧.