وأقول : هذه الرواية ضعيفة السند ، فإن من جملة رواتها جبريل بن أحمد الفاريابي ، وهو لم تثبت وثاقته في كتب الرجال.
ومن جملة رواة هذا الخبر محمد بن عيسى وهو العبيدي ، وهو مختلف في وثاقته ، بل إن أكثر الروايات الطاعنة في زرارة مروية عنه ، ولهذا قال السيد أحمد بن طاوس في كتابه (حل الإشكال) : ولقد أكثر محمد بن عيسى من القول في زرارة حتى لو كان بمقام عدالة كادت الظنون تسرع إليه بالتهمة ، فكيف وهو مقدوح فيه (١).
ثمّ إن الوارد في الخبر هو قوله : (فإن في قلبي عليه لَعَنَّة) ، لا (لفتة) كما ذكره الكاتب.
قال الميرداماد في شرح هذه العبارة :
قوله رحمهالله : (فإن في قلبي عليه لَعَنَّة) بفتح اللام للتأكيد وإهمال العين مفتوحة أو مضمومة وتشديد النون ، أي أن في قلبي عليه لَعَنَّة ، أي أن في قلبي لعارضاً واعتراضاً عليه ، عَنَّ للنفس وعرض للقلب وهجس في الصدر وخطر في الضمير معتناً معترضاً ، أو أن في قلبي شدة وملاجة وهيجاناً في المعانة والاعتنان ، أي المعارضة والاعتراض ، والعنن أي اللجاج والمحاجة والمؤاخذة عليه ، أو لعارضة وغائلة عليه فجأة لست أدري ما سببها ، من قولهم : أعننت بعنة ما أدري ما هي ، أي تعرضت لشيء ما أعرفه. قال في مجمل اللغة : ولقيته عين عنة ، أي فجاءة (٢).
وأما قوله : (لأن أبا عبد الله عليهالسلام أخرج مخازيه) فهو من كلام الراوي لا من كلام الإمام عليهالسلام ، ولعل مراده بالمخازي هو ما صدر من الإمام الصادق عليهالسلام من القدح في زرارة مما سيأتي بيان وجهه إن شاء الله تعالى.
* * *
__________________
(١) التحرير الطاووسي ، ص ١٢٧.
(٢) تعليقة الميرداماد المطبوعة في ذيل اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٥٦.