بقدرته (١) ، وبناها بإرادته وأسكنها ملائكته الذين اصطفاهم لمجاورته وجبلهم على طاعته (٢) ، ونزههم عن معصيته ، وجعلهم سكان سماواته ، وحملة عرشه ، ورسله إلى أنبيائه (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٣). وبسط [الأرض] (٤) لكافة خلقه ، وقسم بينهم الأرزاق ، وقدّر لهم الأقوات. فهم في قبضته يتقلبون ، وعلى أقضيته يجرون ، حتى يرث الأرض ومن عليها (وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) (٥).
وقال سعيد بن حميد (٦) : الحمد لله الذي خلق السماء بأيده فرفعها (٧) ، ودحا الأرض بقدرته (٨) فبسطها ، وبث فيها من كل دابة ، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير (٩).
وقال أبو علي البصير (١٠) : الحمد لله الذي قدّر فسوى ، وخلق فهدى ، ولم يترك خلقه سدى (١١) ، ولكنه امتحنهم وابتلاهم ، وأمرهم ودعاهم لما يحييهم ، وندبهم إلى ما ينجيهم فقال : (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١٢).
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الحج : ٦٥ (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
(٢) في الأصل : (عليّ).
(٣) في الأصل : (ولا يفترون).
(٤) في الأصل : (وبسطها).
(٥) من قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) مريم : ٤٠ ومن قوله تعالى : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) الأنبياء : ٨٩.
(٦) سعيد بن حميد أبو عثمان ، كان متكلما فصيحا وله كتب ورسائل ، وتولى الرسائل للمستعين توفي بعد سنة ٢٥٧ ه انظر الفهرست ١٨٥.
(٧) إشارة إلى قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) الذاريات : ٤٧.
(٨) إشارة إلى قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) النازعات : ٣٠.
(٩) من قوله تعالى في سورة الشورى : ٢٩.
(١٠) أبو علي البصير شاعر بليغ مترسل كانت بينه وبين أبي العيناء مهاجاة ومكاتبات ، وله فيه عدة أشعار : الفهرست ١٨٤.
انظر : كتابنا (أبو العيناء الأديب البصري الظريف) : ص ٤٥.
(١١) إشارة إلى قوله تعالى في سورة القيامة : ٣٦ (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً).
(١٢) النساء : ٥٩.