فصل
في قصص لهم عليهمالسلام
قال بعض السلف :
إن الله تعالى يحتج بأربعة على أربع ، يحتج بسليمان على الأغنياء ، وعلى العبيد بيوسف ، وعلى المرضى بأيوب ، وعلى الفقراء بالمسيح عليهمالسلام.
لما همّ المنصور بهدم دور المدينة ، وإحراق نخلها عند خروج إبراهيم ومحمد ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن. فقال له جعفر بن محمد :
يا أمير المؤمنين إن سليمان أعطي فشكر ، وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف قدر فغفر. فاقتد بمن شئت منهم.
فقال : حسبك. ونقض عزمه (١).
لما قال المتوكل لأبي العيناء (٢) : إلى كم تمدح الناس ، وتذمهم؟
قال : يا أمير المؤمنين ، ما أحسنوا ، وأساءوا. وهذه آيات تعلمتها من الله تعالى ، فإن رضي عن عبد مدحه ، وأطراه ، و (إن) سخط على آخر شتمه ورماه (٣).
__________________
(١) الخبر في الأمالي ابن الشجري : ٢٧٧ وفيه قول عن أبي الفضل بن الربيع وهو : أن المنصور لما قدم المدينة قال ابعث إلى جعفر بن محمد العلوي ـ يعني الصادق ـ ومن يأتيني به قال : فأمسكت عنه ، لكي ينساه قال : ألم آمرك أن تبعث إلى جعفر بن محمد العلوي وأن تأتيني به قتلني الله إن لم اقتله ، فأمسكت عنه ، لكي ينساه فقال لي الثالثة واغلظ لي : ألم آمرك أن تبعث إلى جعفر بن محمد العلوي به. قتلني الله إن لم أقتله ، فبعثت إليه فجاء ، فدخلت عليه ، فقلت : يا أمير المؤمنين جعفر بن محمد بالباب ، فأذن له ، فدخل. فلما دخل قال جعفر : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال له أبو جعفر : لا سلام عليك يا عدو الله ، تلحد في سلطاني ، وتبغي الغوائل في ملكي ، قتلني الله إن لم أقتلك. فقال له جعفر : يا أمير المؤمنين إن سليمان بن داود أعطي فشكر ، وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت الصالح. فأطرق طويلا فمد يده فصافحه حتى أجلسه على مفرشه ...
(٢) الخبر في الديارات ٥٨ ، الأمالي للمرتضى ١ / ٢٩٩ زهر الآداب ١ / ٢٨١ ، ذيل زهر الآداب ٣٣٢ ، مروج الذهب ٤ / ١٤٧ ، وفيات الأعيان ٤ / ٣٤٥ ، نور القبس ٢ / ٣٨٨ مع اختلاف في ألفاظه.
(٣) في الأصل : (وزناه) وهو إشارة إلى قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) القلم : ١٠ ـ ١٣.