وقام خالد بن سعيد بن العاص (١) ، وأقبل على أبي بكر فقال له : (والله) (٢) لأن يتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق (٣) أحب إلي من أن أقعد (٤) عن دعوتك أو أبطئ عن إجابتك.
وأوصى أبو بكر الجيش الذين بعثهم إلى الشام (٥) فقال :
اذكروا الله عند كل مصعد ومهبط ، ولا تقتلوا امرأة (٦) ، ولا صبيا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا تقعروا (٧) نخلا ، ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة لا حاجة (٨) لكم في ذبحها ، ولا تخربوا عامرا (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٩). ثم رفع يده إلى السماء بعد أن استقبل القبلة فقال :
اللهم إنك خلقتنا ، ولم نك شيئا مذكورا ، ثم بعثت إلينا رسولك محمدا بشيرا ونذيرا ، فهديتنا به وكنا ضلّالا. وحبّبت إلينا الإيمان ، وكنا كفارا ، وقويتنا به وكنا ضعافا ، وجمعتنا به وكنا أشتاتا. فأمرتنا أن نقاتل (١٠) المشركين حتى يقولوا لا إله إلا الله ، أو يعطوا الجزية عن يد
__________________
(١) خالد بن سعيد بن العاص قال الواقدي عنه ، إنه خامس من أسلم من العرب وصدق رسول الله. وأرسله الرسول صلىاللهعليهوسلم مع من أرسلهم إلى اليمن ليفقهوا أهلها ، واشترك في فتوح الشام مع خالد بن الوليد. انظر طبقات فقهاء اليمن : ١٤ ، ٢٢ ، ٢٣ ، تاريخ الطبري حوادث سنة ١٠ ه ج ٣ / ٢٨ فما بعدها.
(٢) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(٣) اقتباس من قوله تعالى : (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) الحج : ٣١.
(٤) في الأصل : (الراقعة).
(٥) وصيته في تاريخ الطبري ٣ / ٢١٣. الكامل لابن الأثير ٢ / ١٦٢ وفيهما : (أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني : لا تخونوا ولا تغلوا ، ولا تصدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا طفلا صغيرا ، ولا شيخا كبيرا ، ولا امرأة).
(٦) في الأصل : (المرأة).
(٧) في الأصل : (ولا تعقروا) وقعر النخل قطعها من أصولها ومنه قوله تعالى : (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ).
(٨) في الأصل : (شاة ولا حاجة .. ولا تحزنوا).
(٩) الحج : ٤٠.
(١٠) في الأصل : (يقاتل).