فصل
في سعة مغفرته ورحمته
سمع أعرابي ابن عباس يقرأ : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) (١) فقال : نجونا ورب الكعبة ، ما أنقذنا منها وهو يريد أن يلقينا فيها. فقال ابن عباس : خذوها من غير فقيه.
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : (لو لم يذنب العباد لخلق الله عبادا يذنبون فيغفر لهم إنه هو الغفور الرحيم) (٢).
وعن ابن عباس في قوله : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ) (٣) قال : غافر الذنب لمن قال لا إله إلا الله ، وقابل التوب ممن قالها ، شديد العقاب لمن لم يقلها (٤).
أتى مطرف بن عبد الله (٥) مجلس مالك (بن) (٦) دينار وقد قام فقال له أصحابه لو تكلمت؟
فقال : هذا ظاهر حسن (إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) (٧).
__________________
(١) آل عمران : ١٠٣.
(٢) هناك أكثر من حديث في هذا المعنى ، راجع مادة (ذنب) في معجم فنسنك ، ألا من مذنب مستغفر : مسند الإمام أحمد ١ / ١٢٠ ، ٥٠٩ هل من مذنب ٣ / ٢٤ ، ٤٩ في مسند الإمام أحمد أيضا.
(٣) غافر : ٣.
(٤) في تفسير الطبري ٢٤ / ٤١ (شديد العقاب لمن عاقبه من أهل العصيان).
(٥) مطرف بن عبد الله بن الشخير ، يكنى أبا عبد الله. كان زاهدا من كبار التابعين ، ثقة فيما رواه من الأحاديث. ولد في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتوفي في الكوفة نحو سنة ٨٧ ه انظر حلية الأولياء ٢ / ١٩٨ ، ٢١٢ وانظر أيضا الأعلام. الزركلي ٨ / ٥٤.
(٦) في الأصل : (مالك دينار) وهو خطأ في النسخ ، ومالك هذا يكنى أبا يحيى من أشهر رواة الحديث ، كان ورعا زاهدا يكتب المصاحف بالأجرة ويأكل من كسبه. انظر حلية الأولياء ٢ / ٣٥٧.
(٧) الإسراء : ٢٥ ، والخبر في الحيوان ٣ / ١٦٠.