فصل
في النهي عن كتمان العلم
قال الله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (١).
فصل
في ذكر الفقه والفقهاء
قال أبو زيد البلخي :
الفقه من أجلّ صناعات الدين ، وذلك بسبب ما يلزم أهله من التفقه في فروع (٢). الدين ، إذ كان الله قد أكمل أصوله في كتابه ، وعلى لسان رسوله كما قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (٣) وقد علم أن هذا الكمال إنما اشترط للدين من جهة أصوله لوقوعها جميعا في ضمن كتاب الله ، وسنن رسوله المشهورة. فأما إكماله من جهة فروعه فأمر لم يكن يتصور في العقول مكانه بسبب النوازل الجارية (٤) ، والحوادث الزمانية ، إذ كانت تخرج إلى ما لا نهاية له. فاضطر السلف الأول من أهل الدين لهذا المعنى إلى تفريع الأصول والتفقه كما قال فيها ، ليريحوا علل العوام فيما تلزمهم الحاجة
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.
(٢) في الأصل : (الفروع).
(٣) المائدة : ٣.
(٤) في الأصل : (الجزية).