يا أكثر الناس إحسانا إلى الناس |
|
وأعظم الناس إغضاء عن الناس (١) |
نسيت وعدك والنسيان مغتفر (٢) |
|
فاغفر فأول ناس أول الناس |
قال المأمون ليلة ليحيى بن أكثم (٣) ، وهو يريد الانصراف : بكر غدا (٤) للمساعدة على الهريسة. فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا والصبح كفرسي رهان. فلما أصبح ركب إلى دار المأمون مغلّسا (٥). فحين أخذ مجلسه بحضرته جاء الطباخ ووقف. فقال المأمون : يا يحيى أتعلم ما يعني؟ قال : لا ، يا أمير المؤمنين. قال : يعني أنه (٦) نسي من اتخاذ الهريسة بما أمرناه. فقال يحيى : لا جرم إنه يعامل بما عومل به آدم حين أخرج من الجنة (٧) ، وعوقب.
قال بعض السلف : الحسد أول ذنب عصى الله به في السماء والأرض ، أما في السماء فحسد إبليس لآدم حين امتنع عن السجود (٨) له ، وأما في الأرض فحسد ابن آدم أخاه لما قبل منه القربان (٩) حتى قتله (١٠).
__________________
(١) روايته في الأصل : (يا أكثر إحسانا إلى الناس).
(٢) في الأصل : (مفتقر).
(٣) يحيى بن أكثم كان قاضيا ومن كبار الفقهاء. روى عن سفيان بن عيينة ، وحدث عنه الترمذي. انظر ميزان الاعتدال ١ / ١٧٤ ، طبقات الحنابلة ١ / ٤١٠.
(٤) في الأصل : (عدا).
(٥) في الأصل : (مغلسا) والمغلس من الغلس وهو ظلمة آخر الليل. لسان العرب (غلس).
(٦) في الأصل : (لاته).
(٧) إشارة إلى قوله تعالى : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) البقرة : ٣٦.
(٨) إشارة إلى قوله تعالى : (قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ) الحجر : ٣٣ وقوله تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) الإسراء : ٦١.
(٩) إشارة إلى قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) المائدة : ٢٧.
(١٠) سيرد الخبر مرة أخرى في فصل الحسد.