٣ ـ أن الأحاديث المروية الدالة على سماع جمع من الصحابة كلام الملائكة ورؤيتهم وسلامهم عليهم وكلامهم معهم لا تُحصى كثرة.
منها : ما أخرجه أحمد عن حذيفة بن اليمان أنه أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : بينما أنا أصلّي إذ سمعتُ متكلماً يقول : اللهم لك الحمد كله ، ولك الملك كله ، بيدك الخير كله ، إليك يرجع الأمر كله ، علانيته وسرّه ، فأهل أن تُحمد ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم اغفر لي جميع ما مضى من ذنبي ، واعصمني فيما بقي من عمري ، وارزقني عملاً زاكياً ترضى به عني. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ذاك ملَك أتاك يعلِّمك تحميد ربك (١).
ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتابنا (كشف الحقائق) ، فإنا ذكرنا هناك جملة وافرة منها (٢).
ومن كل ذلك نخلص إلى أن سماع أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين حديث الملَك أو جبرئيل عليهالسلام ممكن الوقوع ، بل إن ذلك غير مستبعد منهما ، ولا سيما بعد ما رأينا بعض الأحاديث الصحيحة عندهم التي دلَّت على تكليم الملائكة وسلامهم ومصافحتهم لمن هو دونهما ، فالجرأة على إنكار سماع علي وفاطمة صوت الملَك خطأ بيِّن فاحش لا يجوز لمسلم أن يقدم عليه ، لأنه طعن واضح في العترة النبوية الطاهرة ، أعاذنا الله من ذلك.
* * *
قال الكاتب : قلت : إذا كان الكتاب من إملاء رسول الله صلوات الله عليه وخط علي ، فلم كتمه عن الأمة؟ والله تعالى قد أمر رسوله صلىاللهعليهوآله أن يبلغ كل ما أنزل إليه قال الله تعالى : (يا أيها الرسول بلغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بَلَّغْتَ
__________________
(١) مسند أحمد ٥ / ٣٩٦.
(٢) كشف الحقائق ، ص ١٣٦ ـ ١٣٩.