كتاب الاقتباس
ألف الثعالبي كتاب الاقتباس من القرآن الكريم للأمير الغزنوي نصر بن ناصر الدين أخي السلطان محمود بن سبكتكين ، وكان أميرا للجيش في خراسان حتى وفاته سنة ٤١٢ ه ، وأهدى إليه هذا الكتاب فضلا عن كتابين آخرين هما غرر السير والمتشابه (١) ويبدو أن علاقة صداقة وطيدة قد ربطت بينهما. وهذا شأن الثعالبي فيمن يختارهم لإهداء كتبه ومؤلفاته ، فمعظمهم كما أسلفنا من الأدباء أو المولعين بالأدب والشعر ، وقد اقتبس الثعالبي فعلا كثيرا من أقوال نصر بن ناصر الدين هذا ، وتمثل بها في كثير من كتبه بما فيها كتبه التي أهداها إلى غيره مثل ثمار القلوب ، وخاص الخاص ، والإيجاز والإعجاز (٢).
وقد ذكر الثعالبي كتاب الاقتباس في كتابه يتيمة الدهر (٣) في الباب الثالث في ذكر أبي إسحاق الصابي ، ووصف أدبه ومحاسن كلامه مشيرا إلى أنه اختار كلامه المقتبس من القرآن الكريم ، وأورده في فصول كتاب الاقتباس قائلا :
(وكان يعاشر المسلمين أحسن عشرة ، ويخدم الأكابر أرفع خدمة ، ويساعدهم على صيام شهر رمضان ، ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه ، وسن قلمه وبرهان ذلك ما أوردته في كتاب الاقتباس من فصوله التي أحسن فيها كل الإحسان وحلاها بآي القرآن).
وذكره أيضا في كتابه الكناية والتعريض في فصل سماه (الكناية عن الغلام) وذكر فيه ما سماه بمكروه الاقتباس (نبهت عليه في كتاب الاقتباس من القرآن) (٤).
وهكذا يثبت اسم هذا الكتاب ، وإن كان قد سماه بالاقتباس فقط على سبيل الاختصار في إشارة اليتيمة ، وباسمه الكامل (الاقتباس من القرآن) في كتاب الكناية والتعريض.
__________________
(١) ملاحظات عن سيرة الثعالبي ٢٣٤.
(٢) نفسه.
(٣) يتيمة الدهر ٢ / ٢٤٣.
(٤) الكناية والتعريض : ١٩.