قرأ الرشيد يوما حكاية الله تعالى عن فرعون : (يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) (١) ، فقال : والله لأولينّها أحدا من خدمي ، فولاها الخصيب (٢). وفيه يقول أبو نواس (٣) :
رماكم أمير المؤمنين بحيّة |
|
أكول لحيات البلاد شروب |
فإن يك باقي إفك فرعون فيكم (٤) |
|
فإنّ عصى موسى بكفّ خصيب |
وقال أعرابي لعبد الله بن طاهر :
دان لك الشام بأقطارها |
|
وأذعن المؤمن والكافر |
أنت عصا موسى التي ألقيت |
|
تلقف (٥) ما يأفكه الساحر |
وقال البحتري للمعتز بالله :
تعجّبت (٦) من فرعون إذ ظنّ أنه |
|
إله لأنّ النيل من تحته يجري |
__________________
(١) الزخرف : ٥١.
(٢) هو الخصيب بن عبد الحميد الدهقاني من ولاة مصر أيام الرشيد. له أخبار كثيرة مع أبي نواس ، وقد امتدحه الأخير : انظر أخبار أبي نواس ، ص ٣١ ، ٦٠ ، ٦٣ ، ٧٧ ، ١٢٩ ، وانظر المستطرف ١ / ٢٧٥.
(٣) البيتان في ديوان أبي نواس ٤٨٤ (ط الغزالي) أخبار أبي نواس ٣٢ مع تقديم البيت الثاني على الأول. وقيل : إن أهل مصر شغبوا على الخصيب فقال له أبو نؤاس : أنا أعفيك من قتالهم. فذهب إليهم وهم مجتمعون بالمسجد ، وألقى عليهم الأبيات فتفرقوا وقبل البيتين :
منحتكم يا أهل مصر نصيحتي |
|
ألا فخذوا من ناصح بنصيب |
ولا تثبوا وثب السفاه فتركبوا |
|
على حد حامي الظهر غير ركوب |
(٤) روايته في الديوان : فإن يك فيكم إفك فرعون باقيا. وهي الأرجح.
(٥) في الأصل : (تلطف ما يأفك).
(٦) في الأصل : (تعجب مني). البيتان في ديوان البحتري ٢ / ١٠٥٣ من قصيدة مطلعها :
حبيب سرى في خفية وعلى دعر |
|
يجوب الدجى حتى التقينا على قدر |