الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ولم يسمِّ من كل أربعين درهماً درهم ، حتى كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ...) (٢٩).
الثاني ـ خلاصة ما أجاب به السيد عبد الحسين شرف الدين (قده) : «إنّ العرب عامة وقريشاً خاصة كانوا ينقمون من علي شدة وطأته ونكال وقعته ؛ إذ كان شديد الوطأة على أعداء الله ، عظيم الوقيعة فيمن يهتك حرمات الله ، كما قالت سيدة نساء العالمين في خطبتها عليها السلام : (وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله نكير سيفه وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله). وإذا عرفت هذا كله تعلم أنّ أمر الإمامة كان حرجا؟ً إلى الغاية ؛ إذ أنها من أصول الدين فلا بد من تبليغها ، ولا مناص عن العهد بها إلى كفئها على كل حال ، ولهذا ولغيره اقتضت الحكمة تعيينه بآيات لم تكن على وجه الذي يحرج أولئك المعارضين ، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يعهد بالإمامة إلى علي عليه السلام على وجه يراعي فيه الحكمة ، ويتحرى به المطابقة لمقتضى تلك الأحوال» (٣٠).
ثالثاً ـ أسماء الأشياء :
تعتبر التسمية بصورة عامة من سنن الله تعالى في خلقه ، وقد سمى الله تعالى آدم وحَوّاء يوم خلقهما ، وعَلّم آدم الأسماء كلها كما في قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة / ٣١].
فاقتضت الحكمة والعناية الإلهية الإهتمام بأول خليقته ، حيث مَيّزه على سائر خلقه بهذا المقام الخطير ، بأن عَلّمه ما لم يعلم ، وجعل في نسله هذه القوة
__________________
(٢٩) ـ الكليني ، الشيخ محمد بن يقوب : أصول الكافي ، ج ١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.
(٣٠) ـ شرف الدين ، السيد عبد الحسين : فلسفة الميثاق والولاية / ١٢ ـ ١٣ (بتصرف).