بمعاتبات كثيرة على فعله هذا ، وأمره بحضوره في الحرم ، فقال للسيد : يا نقيب الأشراف ، خذ مني أموالاً كثيرة ، وأشياء نفيسة ، ولا تأمرني بحضوري في الحرم الشريف ؛ فإغتاظ السيد من كلامه هذا ، لما كان في السيد من الشيمة والنفس الأبية ، والهمة العالية ، فألجأه السيد إلى الحضور في الحرم الشريف ، فحينئذ قام واغتسل ولبس أطيب ثيابه ، وأنظف ملبوساته ، فخرج من الدار ومشى حافياً بالسكينة والوقار ، والخضوع والخشوع ، وجريان الدموع ، إلى أن بلغ باب الصحن الشريف ، فلما وصل إليه ؛ خَرّ لله تعالى ساجداً وقَبّل الأرض ، فلما قام من سجوده ؛ كان يرتعد ويرتعش مثل فرخة العصفور المبلولة ، وقد تغير لونه وإصفرّ وجهه ، وصار كأنه قد نزع الروح من ثلث بدنه ، ثم أنه لما وصل إلى باب مخلع النعال ؛ فعل فيه ما قد فعل في الباب الأول ، ولكنه كان في حالة تشبه حالة النزع والإحتضار ، ثم لما صعد الإيوان ومشى حتى وصل إلى باب الرِّواق ، ونظر إلى القبر الشريف ؛ تنفّس الصعداء ، وتأوّه مثل تأوّه الثكلى ، وقال : أهذا مضجع سيد الشهداء؟! ، أهذ مقتل سيد الشهداء!؟ ثم صاح صيحة كان فيها آخر نفسه (ره) ...» (٥٢١).
٤ ـ أهداف المجاورة :
إهتمت الشرائع الإلهية ، وخصوصاً الشريعة الإسلامية بتكميل الروح الإنسانية ؛ باستكمالها تدرك الحياة الأبدية ، وإنّ تشريع العبادات والعمل بها من أهم طرق تكميل الروح ، ومن الأشياء التي تستفيد منها الروح مجاورة الإنسان حياً لأولئك العظماء من الأنبياء والأوصياء ، ومن خلال ما ذكر سابقاً ؛ نخرج بالأهداف التالية :
__________________
(٥٢١) ـ الدربندي ، الشيخ آغا بن عابد الشيرواني : إكسير العبادات في أسرار الشهادات ، ج ١ / ٤٦٢ ـ ٤٦٣.