توطئة وتمهيد :
لو ألقينا نظرة حول التسمية بشكل عام ؛ لوجدناها من سنن الله عَزّ وجَلّ ، وقد سار الناس على هذه السنّة ، ولكن تختلف التسمية عند البشر على مَرّ الأجيال والعصور على إختلاف لغاتها ، فقد توجد مناسبة بين الإسم والمسمى ولا توجد ، وقد يكون للإسم معنى في قاموس اللغة وقد لا يوجد ، بل هو إسم مخترع لا من مادة لغوية ؛ ولذا نجد العادة جارية في القبائل العربية قبل ظهور الإسلام بتسمية أولادهم بأسماء الوحوش والجوارح ، وقد جاء في رواية أحمد بن أشيم ، عن الإمام الرضا عليه السلام : (قلت له : لِمَ تسمي العرب أولادهم بكلب وفهد ونمر وما أشبه ذلك؟ قال : كانت العرب أصحاب حرب ، وكانت تهول على العدو بأسماء أولادهم ، ويسمون عبيدهم : فرج ، ومبارك ، وميمون وأشباه هذا يتيمنون بها) (٣٥). وبالرغم من أن تلك الأسماء كانت شايعة ومتداولة بينهم ، إلا إنّها كانت في بعض الأحيان ذريعة قوية للطعن والتحقير في أصحابها ، وعلى سبيل المثال : ما حصل لأحد رؤساء عشاير الشام ـ يسمى جارية بن قدامة ـ وكان رجلاً قوياً صريح اللهجة ، وكان يبطن لمعاوية حقداً وعداً ، وسمع معاوية بذلك فأراد أن يحتقره أمام ملأ من الناس ، ويتخذ إسمه وسيلة للإستهزاء والسخرية منه ، وصادف أن إلتقيا في بعض المجالس ، فقال له معاوية : «ما كان أهونك على قومك إذ سموك جارية؟! فقال له جارية : وما كان أهونك على قومك إذا سموك معاوية ؛ وهي الأنثى من الكلاب؟!» (٣٦).
__________________
(٣٥) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٢١ / ٣٩٠ من أبواب أحكام الأولاد ـ الحديث ٥).
(٣٦) ـ الأبشيهي ، شهاب الدين محمد بن أحمد : المستطرف في كل فن مستطرف ، ج ١ / ٩١.