وقال الزركشي : «إنّ الظاهر ضعف الخلاف في المدينة ؛ أي لما قدمناه من الترغيب فيها ؛ ولأنّ كل من كره المجاورة بمكة ، إستدل بترك الصحابة الجوار بها ، بخلاف المدينة فكانوا يحرصون على الإقامة بها ـ إلى أن قال ـ وهذا كله متضمن للحث على سكنى المدينة ، وتفضيله على سكنى مكة ـ وهي جدير بذلك ـ ؛ لأنّ الله تعالى إختارها لنبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلّم ـ قراراً ، وجعل أهلها شيعة له وأنصاراً ، وكانت لهم أوطاناً ، ولو لم يكن إلا جواره (صلى الله عليه وآله وسلم) بها ، وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ما زال جبريل يوصيني بالاجر) الحديث ولم يخصّ جاراً دون جار ، ولا يخرج أحد عن حكم الجار وإن جار ؛ ولهذا إخترتُ تفضيل سكناها على مكة ، مع تسليم مزيد المضاعفة لمكة ؛ إذ جهة الفضل غير منحصرة في ذلك ، فتلك لها مزية العدد ، ولهذه تضاعف البركة والمدد ، ولتلك جوار بيت الله ، ولهذه جوار حبيب الله وأكرم الخلق على الله ، وسرّ الوجود والبركة الشاملة لكل موجود» (٥٠٠).
ب ـ عند الإمامية :
إنّ عنوان المجاورة عند الشيعة الإمامية أوسع من غيرهم ؛ حيث يشمل مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، وباقي البقاع المقدسة ، وقد بحثها الفقهاء كالتالي :
١ ـ مكة المكرمة :
إختلف الفقهاء في المجاورة بمكة المكرمة على قولين :
الأول ـ الإستحباب :
قال الفاضل المقداد (قده) : «والأصح إستحباب المجاورة بها للواثق من نفسه بعدم هذه المحذورات ، وبه يجمع بين الروايات الدالة على الإستحباب
__________________
(٥٠٠) ـ المصدر السابق / ٥٢.