نورها نور أبصار أهل الجنة جميعاً ، وهي تنادي : أنا أرض الله المقدسة ، والطينة المباركة ، التي تضمنت سيد الشهداء وشبان الجنة) (٥٦).
بحث في تفضيل كربلاء على الكعبة :
يستفاد من الحديثين المذكورين تفضيل كربلاء على أرض الكعبة ، وقد تقدم البحث عن ذلك في الجزء الأول. والذي نريد بحثه ـ هنا ـ هو ما يلي :
الأول ـ الأعوام والسنون في الآيات والروايات :
س ١ / ما هو المراد بالأعوام والسنيين في هذا الحديث وفي غيره من الأحاديث؟
ج / يتضح الجواب بعد بيان المقدمة التالية :
أولاً ـ إنّ أفعال الله سبحانه مبنيّة على الحِكَم والمصالح ، وإنّ كمته إقتضت أن تكون أفعاله بالنسبة إلى مخلوقاته على قسمين :
١ ـ ما يصدر عنه على نحو السرعة وبدون توقفه على مادة أو مدة زمنية ، كما أشار إلى ذلك في قوله تعالى : (وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [البقرة / ١١٧]. وهذا كناية عن نهاية السرعة في الخلق والإيجاد.
٢ ـ ما يصدر عنه بعد مدة زمنية وعلى نحو التدريج ، ومن هذا خلق السماوات والأرض ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [الأعراف / ٥٤]. أما كون الحكمة الداعية إلى إجراء عادته بخلق تلك الأشياء من موادها على نحو التدريج ، كخلق السموات والأرض من مادتها التي هي الماء ، بعد خصوص القدر المذكور ، والزمان المحدود ـ وهو ستة أيام ـ ؛
__________________
(٥٦) ـ النوري ، الشيخ ميرزا حسين الطبرسي : مستدرك الوسائل ، ج ١٠ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣. (باب ٥١ ـ إستحباب التبرك بكربلاء ـ حديث ٣).