٣ ـ (لما نحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الهدي ، دعا الحلاق وحضر المسلمون يطلبون من شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأعطى الحلاق شق رأسه الأيمن. ثم أعطاه أبا طلحة الأنصاري ، وكَلّمه خالد بن الوليد في ناصيته حين حلق فدفعها إليه ، فكان يجعلها في مقدمة قلنسوته ، فلا يلقى جمعاً إلا فضه) (٤٤٠).
وبعد هذا ، هل يحتمل مسلم مؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّ التبرك غير صحيح وخلاف الأحكام الشرعية ، بعد أن حث عليه النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما ذكرنا في الروايات؟!
كلا إنّ في التبرك حقيقة التوحيد وخالص الإيمان ؛ إذ أنّ المسلمين يعتقدون بأنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ؛ هو خيرته من خلقه ، والمقرب عنده والمطاع في ملكوته ، وهو عبده ورسوله ، ومبارك من عنده وبإرادته. ومن أراد التوسع ؛ فليراجع الكتب المتخصصة في هذا المجال ، كوفاء الوفاء للسمهودي ، وتبرك الصحابة لمحمد طاهر الكردي ، والتبرك للعلامة الحجة الشيخ علي الأحمدي.
الثالث ـ سِيرَة المسلمين :
قال العلامة محمد طاهر بن عبد القادر : «ولا شك أنّ آثار رسول الله صلى الله عليه وآله ، صفوة خلق الله وأفضل النبيين ، أثبت وجوداً ، وأشهر ذكراً ، وأظهر بركة ، فهي أولى بذلك ـ يعني التبرك ـ وأحرى ، وقد شهدها الجم الغفير من أصحابه ، واجمعوا على التبرك بها ، والاهتمام بجمعها ، وهم الهداة المهديون ، والقدوة الصالحون فتبركوا بشعراته وبفضل وضوئه ، وبعرقه ، وبثيابه وآنيته ، وبمس جسده الشريف بغير ذلك ، مما عرف من آثاره الشريفة التي صحت به الأخبار. فلا جرم إن كان التبرك بها سنة الصحابة رضي الله
__________________
(٤٤٠) ـ الواقدي ، محمد بن عمر : المغازي ، ج ٣ / ١١٠٨ ـ ١١٠٩.