على ذلك ما رواه سبط ابن الجوزي ، عن السدي بأنه قال : «نزلت بكربلاء ومعي طعام للتجارة ، فنزلنا على رجل : فتعشينا عنده ، وتذاكرنا قتل الحسين عليه السلام وقلنا : ما شرك أحد في دم الحسين إلا ومات أقبح موته. فقال الرجل ما أكذبكم ، أنا شركت في دمه ، وكنت فيمن قتله ، وما أصابني شيء. فلما كان آخر الليل إذا بصياح! قلنا : ما الخبر؟ قالوا : قام الرجل يصلح المصباح فاحترقت اصبعه ، ثم دَبّ الحريق في جسده فاحترق. قال السدي : فأنا والله رأيته كأنه حممه» (١٨٦).
وهذا الخبر صريح في أنّ كربلاء بعد واقعة الطف صارت آهله بالسكان ، كما أنّها نالت شهرة واسعة ؛ حيث أقبل الناس على زيارتها من كل حدب وصوب ، وأن القبر الشريف يقصده الناس للزيارة وقضاء الحوائج ، ويظهر منه المعجز الباهر ، ومن الشواهد على ذلك : «ما ورد في نوادر علي بن أسباط ، عن غير واحد من أصحابه قال : لما بلغ أهل البلدان شهادة أبي عبد الله عليه السلام ؛ قدمت كل إمرأة نزور ـ وكانت العرب تقول للمرأة التي لا تلد أبداً إلا أن تخطّى قبر رجل كريم النزور ـ التي لا تلد أبداً ، إلا أن تخطّى قبر رجل كريم ، فلما قيل للناس : إنّ الحسين ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد وقع ؛ أتته مائة ألف إمرأة لا تلد ، فولدن كلهن» (١٨٧).
١٧ ـ حرم الحسين (عليه السلام) :
ذكرت الروايات أن للقبر الشريف حرمة ، تبدأ من دائرة صغيرة حول القبر الشريف ، وتتسع حتى تبلغ دائرة أوسع ، حتى تشمل مدينة كربلاء ،
__________________
(١٨٦) ـ الكليدار ، الدكتور السيد عبد الجواد : تاريخ كربلاء وحائر الحسين / ٧٦.
(١٨٧) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ٧٥.