______________________________________________________
أي : وكذا لا يؤمر بالتسليم لو كان الحق دينا ، ومنشأ الاشكال : من أن التسليم المأمور به على تقدير ثبوت الأمر به إنما يكون عن الموكل. ولا ينفذ إقرار من عليه الدين على المدين ، لأنه إقرار على الغير ، فامتنع كونه عن الموكل المقتضي لامتناع الأمر به ، وهو قول الشيخ في المبسوط (١).
ومن حيث أن هذا التصديق اقتضى وجوب تسليم هذا القدر من مال نفسه فيجب نفوذه ، لأن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، وهو قول ابن إدريس (٢).
واعترض بأمرين :
أحدهما : إنّ هذا التسليم لا يبرئ الذمة ظاهرا فلا يؤمر به ، لأن لمن عليه الحق الامتناع من الأداء إلى أن يحصل الإشهاد المقتضي لحصول البراءة ظاهرا.
الثاني : إنّ التسليم لو أمر به لكان إما على جهة كون المدفوع مال الغائب ، أو مال الدافع ، والقسمان باطلان ، لأن الغائب لم يثبت توكيله فيكون التسليم لماله ، والدافع إنما يجب عليه تسليم مال الغائب ، والملازمة ظاهرة.
ويجاب عن الأول : بأن الإشهاد الذي يجوز الامتناع من الأداء إلى حصوله إنما يراد به إشهاد المدفوع إليه ، لأنه على تقدير إنكار التوكيل يرجع إلى ماله الذي دفعه بالبينة ، واحتمال تلفه بغير تفريط أو عدم الظفر بالمدفوع اليه لا يقدح ، وإلاّ لقدح في الدفع إلى المدين وإن أشهد ، لاحتمال موت الشاهدين ، أو ظهور فسقهما ، أو مطالبته في بلد لا يتمكن من الوصول إليها.
وعن الثاني : بأن تسليم ذلك القدر من مال المديون على أنه مال الغائب له اعتباران : أحدهما : كونه مال الغائب في حق المديون ، والآخر : كونه مال الغائب في حق الغائب نفسه ، وإقرار المديون نافذ بالنسبة إلى الاعتبار الأول ، لأنه في حقه
__________________
(١) المبسوط ٢ : ٣٨٧.
(٢) السرائر : ١٧٨.