الثالث : أن يكون معلوما نوعا ما من العلم لينتفي عظم الغرر ، فلو وكله في شراء عبد افتقر الى وصفه لينتفي الغرر ، ويكفي لو قال : عبدا تركيا
______________________________________________________
فأشبه البيع ، ولجواز إملال الولي عن غير مستطيع الإملال.
ويضعّف بأنّ فعل الوكيل إنّما يكون فعلا للموكل إذا كان التوكيل صحيحا ، والقياس على البيع قياس مع الفارق ، فان البيع إنشاء والإقرار إخبار ، وإملال الولي ليس إقرارا ، ولهذا لو أنكر المولى عليه بعد زوال العذر لم يؤاخذ به ، والأصح أنّه لا يصح ، وجوّزه الشيخ في الخلاف والمبسوط (١).
إذا تقرر هذا فعلى كل من الوجهين هل يكون التوكيل بالإقرار إقرارا بالشيء أم لا؟ فيه نظر : ينشأ من ان الإقرار إخبار والتوكيل إنشاء فلا يكون التوكيل إقرارا ، وتنافي لوازم الإخبار والإنشاء ظاهر ، لأن الأخبار يحتمل الصدق والكذب ومقتضاه حاصل بغيره ، ويقتضي تقدّم وجود المخبر عنه بخلاف الإنشاء.
ومن أن التوكيل تضمّن الإخبار فيكون إقرارا ، وفيه نظر ، لأن ما تضمّنه التوكيل هو صورة الاخبار وليس إخبارا حقيقة ، للعلم بان قوله لزيد : عندي كذا في قوله : وكلتك بأن تقرّ عني بأنّ لزيد عندي كذا لم يأت به للإخبار ، بل لبيان اللفظ الذي يخبر به ، فهو في الحقيقة من تتمة بيان الموكل فيه ، والأصح إنه لا يكون إقرارا.
ولا يخفى ان عبارة المصنف لا تخلو من مناقشة ، لأنّ تفريع احتمال كونه مقرا بنفس التوكيل على القول ببطلان التوكيل غير ظاهر ، بل ذلك آت على تقدير البطلان والصحة ، فكان حقا ان يقول : وفي كونه مقرا بذلك نظر ، كما صنع في الإرشاد.
قوله : ( الثالث : ان يكون معلوما نوعا من العلم لينتفي عنه عظم الغرر ، فلو وكله في شراء عبد افتقر الى وصفه لينتفي الغرر ، ويكفي لو
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٨٥ مسألة ٥ كتاب الوكالة ، المبسوط ٢ : ٣٦١.