ج : تقدير المسافة ابتداء وانتهاء ، فلو شرط للسابق حيث يسبق من غير تعيين غاية لم يجز ، لأن أحدهما قد يكون سريعا في أول عدوه مقصّرا في انتهائه ، وبالعكس.
______________________________________________________
الأفعال ، ولا تعد بنفسها لهوا ولعبا. ومن نظر في أن الإنسان لو أراد أن يعتاد شدة العدو ، ليكون عند لقاء العدو قادرا على النكوص عنه ، والانتقال من جانب الى آخر ذا قدرة على المصابرة في حال المشي والعدو ، متمكنا من الفرار حيث يجوز له لم نجد الى القول بتحريم ذلك سبيلا.
ولا ريب أنه إن انضم الى آخر فتعاديا كان أدخل في مطلوبه ، وليس للضميمة أثر في التحريم. والمشهور عندنا أنه يجوز اتخاذ الحمام للأنس وإنفاذ الكتب ، ويكره للتفرج والتطير. أما الرهان عليها فحرام قطعا ، وهذا قريب مما قلناه.
قوله : ( الثالث : تقدير المسافة ابتداء وانتهاء ، فلو شرط للسابق حيث يسبق من غير تعيين غاية لم يجز ، لأن أحدهما قد يكون سريعا في أول عدوه مقصّرا في انتهائه وبالعكس ).
تنقيح ما ذكره من الدليل : أنه لو لم يقدّر المسافة لأدى ذلك الى التنازع والتجاذب ، فإن الأغراض تختلف بذلك اختلافا ظاهرا ، لأن من الخيل ما يكون سريعا في أول عدوه خاصة فصاحبه يطلب قصر المسافة ، ومنها ما يكون سيره في الابتداء ضعيفا ثم يقوى فصاحبه يطلب طول المسافة ، فلا بد من التنصيص على ما يقطع النزاع.
فإن قيل : هذا لا يدل على تمام المدعى ، بل إنما يدل على وجوب تعيين الغاية.
قلنا : بل يدل لأن طول المسافة وقصرها إنما يتحقق مع تعيين الغاية وأيضا فإنه لولا تعيين المسافة لأمكن ادامة السير على وجه يترتب عليه الضرر ، ويفوت به مطلوب المسابقة. وهذا على القول بجواز العقد ، أما على اللزوم فاشتراط التعيين.