ولو قال : وكلتك على كل قليل وكثير لم يجز ، لتطرق الغرر ، وعدم الأمن من الضرر ، وقيل : يجوز وينضبط التصرف بالمصلحة.
______________________________________________________
غير حسن ، ووجه القرب يعلم مما سبق. وقال الشيخ في المبسوط : لا يصح ، لأنه غرر (١) ، وقد علمت مما ذكرنا وجه رده ، ولا ريب أن الوصف أحوط ، والجواز لا يخلو من قوة.
واحتمل شيخنا الشهيد وجها ثالثا ، وهو التفصيل بأنّ المقصود بالعبد إن كان هو التجارة لم يفتقر إلى الوصف ، لأن الغرض هو الاسترباح ، وإن كان هو الخدمة افتقر. ويرد عليه : أن الاسترباح يتفاوت تفاوتا بينا بتفاوت الأعيان.
قوله : ( ولو قال : وكلتك على كل قليل وكثير لم يجز ، لتطرق الغرر ، وعدم الأمن من الضرر ، وقيل : يجوز ، وينضبط التصرف بالمصلحة ).
القائل بالجواز هو الشيخ في النهاية (٢) ، وابن إدريس (٣) ، وجماعة (٤) ، ومنع من ذلك في المبسوط والخلاف (٥) ، للغرر العظيم وعدم الأمن من تصرف يوجب ضررا على الموكل كهبة ماله ، وتطليق نسائه ، وعتق رقيقه ، وتزويجه نساء كثيرة ، وإلزامه المهور العظيمة والأثمان الجزيلة. وردّ بأن الضرر مدفوع بكون التصرف مشروطا بالمصلحة ، وأصل الغرر غير قادح في عقد الوكالة.
والمصنف فرّق في التذكرة بين ما إذا وكّله في كل قليل وكثير ـ من غير ان يضف ذلك الى نفسه ـ وبين ما إذا أضافه ، فحكم بالبطلان في الأول لشدة الإبهام والغرر دون الثاني ، وهذه عبارته : ولو ذكر الإضافة إلى نفسه فقال : وكلتك في كل أمر
__________________
(١) المبسوط ٢ : ٣٩١.
(٢) النهاية : ٣١٧.
(٣) السرائر : ١٧٦.
(٤) منهم أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٣٣٧ ، وسلار في المراسم : ٢٠١ ، والمحقق الحلي في الشرائع ٢ : ١٩٦ ، والمقداد السيوري في التنقيح الرائع ٢ : ٢٩٠.
(٥) المبسوط ٢ : ٣٩١ ، الخلاف ٢ : ٨٧ مسألة ١٤ كتاب الوكالة.