رابعاً ـ الترعة : مسيل الماء إلى الروضة ، وإن كان هذا المعنى قريباً من الوجوه السابقة ، إلا أنّ هنا نكتة لطيفة ، وهي : إنّ في الكلام إستعارة تمثيلية ؛ حيث أن مسيل دماء الشهداء على هذه البقعة الطاهرة ، هي طريق إلى رياض الجنة ، بل بَشّرهم سيد الشهداء وأراهم منازلهم في الجنة قبل إستشهادهم ، كما ورد في الروايات الآتية :
١ ـ ذكر السيد المقرم في كتابه «مقتل الحسين» : «ولما فرغ من الصلاة قال لأصحابه : يا كرام هذه الجنة قد فتحت أبوابها ، وإتصلت أنهارها ، وأينعت ثمارها ، وهذا رسول الله والشهداء الذين قتلوا في سبيل الله ، يتوقعون قدومكم ، ويتباشرون بكم ، فحاموا عن دين الله ودين نبيه ، وذبوا عن حرم الرسول. فقالوا : نفوسنا لنفسك الفداء ، ودماؤنا لدمك الوقاء ، فوالله لا يصل إليك وإلى حرمك سوء ، وفينا عرق يضرب» (١١٢).
٢ ـ عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله قال : (قلت له : أخبرني عن أصحاب الحسين وإقدامهم على الموت ، فقال : إنهم كشف لهم الغطاء حتى رأوا منازلهم من الجنة ، فكان الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها ، وإلى مكانه في الجنة) (١١٣).
٣ ـ عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهم السلام قال : (قال علي بن الحسين عليه السلام : لما إشتدّ الأمر ؛ تغيّرت ألوانهم ، وإرتعدت فرائصهم ، ووجلت قلوبهم ، وكان الحسين عليه السلام وبعض من معه من خصائصه ، تشرق ألوانهم وتهدئ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم ، فقال بعضهم لبعض : أنظروا لا يبالي
__________________
(١١٢) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٤٦.
(١١٣) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٤ / ٢٩٧.