فهو من أسرار القضاء والقدر التي لا يمكن أن يحيط بها عقل البشر ؛ ولذا ما ورد من الأعداد الموجودة في بعض الآيات والروايات ، قد يطلق ويراد بها الكثرة لا خصوص العدد ، وقد يراعى في ذلك عقول المخاطبين وأفهامهم.
ثانياً ـ إنّ التعبير بقدر وزمان معين في الآيات والروايات ؛ للتفهيم والتقريب. وذلك كتقدير الفلك بالبروج والمنازل والدرجات ، وتقدير الزمان بالسنين والشهور والأيام والساعات ، وعلى هلا لا يُعد في أنّ الحكمة الإلهية إقتضت أن تقدر للزمان المتقدم على زمان الدنيا ، بل للزمان المتأخر عن زمانها أيضاً ، بأمثال ما قدّره لزمانها من السنين إلى الساعات ، لكن مع رعاية مناسبة لهذا الإجراء إلى المقدّر بها ، فكما أنّ المناسب لزمان الدنيا أن يكون كل يوم منه بقدر دورش للشمس ، فكذلك يجوز أن يكون المناسب للزمان المتقدم ، أن يكون لكل يوم منه بألف سنة من أيام الدنيا ، كما جاء في قوله تعالى : (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) [الحج / ٤٧] ، وفي قوله تعالى : (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج / ٤]. فيكون المناسب للزمان المتقدم أن يكون كل يوم منه بمقدار ألف سنة من زمان الدنيا ، وللزمان المتأخر مساوياً لخمسين ألف سنة منه ، ويؤيد ذلك ما ذكر في الروايات التالية :
١ ـ عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل وفيه قال : (إذا قام عليه السلام سار إلى الكوفة فهدم أربعة مساجد ـ إلى أن قال : ـ فمكث على ذلك سبع سنين ، مقدار كل سنة عشر سنين من سنينكم ، ثم يفعل ما يشاء. قال : قلت : جعلت فداك فكيف تطول السنون؟ قال : يأمر الله تعالى الفلك باللبوث وقلة الحركة ، فتطول الأيام لذلك والسنون. قال له : إنهم يقولون : إن تغير فسد؟