عنهم واقتفى آثارهم في ذلك من نهج نهجهم من التابعين والصالحين. وقد وقع التبرك ببعض آثاره صلى الله عليه وآله وسلم في عهده وأقره ولم ينكر عليه ، فدلّ ذلك دلالة قاطعة على مشروعيته ، ولو لم يكن مشروعاً لنهى عنه وحذّر منه. وكما تدل الأخبار الصحيحة ، وإجماع الصحابة على مشروعيته تدل على قوة إيمان الصحابة وشدة محبتهم ومولاتهم ومتابعتهم للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله على حد قول الشاعر :
أمر على الدِّيار ديار ليلى |
|
أقبّل ذا الجدار وذا الجدار |
وما حب الديار شغفن قلبي |
|
ولكن حب من سكن الديار (٤٤١) |
وقال العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي (ره) : «التأمل التام في عمل الصحابة رضي الله عنهم ، يمثل لنا عقيدتهم في النبي صلى الله عليه وآله وفي آثاره ، كما أنّ كتب التاريخ والسيرة والحديث تمثل لنا كيف كانوا يعاشرون الرسول صلى الله عليه وآله ، ويقدسونه ويتبركون به في كل شؤونه ؛ إذ من المسلم المقطوع به من أفعال الصحابة الكاشفة عن عقيدتهم في الرسول ، أنّ كل مولود يولد لهم ـ منذ قدومه صلى الله عليه وآله المدينة الطيبة ـ كانوا يأتون به إليه فيحنكه ويمسح رأسه ويتفل في فيه ويباركه .. يرون أنّه بذلك قد أصبح مباركاً ، وكانوا يتباهون بذلك ويفتخرون به ... هذا عمل الصحابة ، وأما رسول الله صلى الله عليه وآله ؛ فكان يقرهم عليه ، ولا ينكر عليهم ذلك. ويعمل به فلو كان التبرك شركاً ؛ لما جرت عليه سيرة الصحابة الذين هم دعاة الدين ورعاته ، ولما اقرهم عليه الرسول العظيم صلى الله عليه وآله ، وبعد هذا
__________________
(٤٤١) ـ عبد القادر ، الشيخ محمد طاهر : تبرك الصحابة / ٥.