فلا يبقى ريب لأي متدبر منصف في ذلك ، بل يدرك المتأمل أنّ ذلك كان من شؤون الإيمان وعلائمه ، ومظاهر اليقين ومناهجه» (٤٤٢).
نعم هذه سيرة المسلمين جرت على ذلك ، بل يقدسون ويتبركون بكل شيء له صلة بالدين والعقيدة ، كالعلماء والصلحاء ، ومن الشواهد على ذلك ما يلي :
١ ـ الشيخ الإمام السبكي ، وضع حر وجهه على باسط دار الحديث التي مستها قدم النواوي ؛ لينال بركة قدمه ، وينوّه بمزيد عظمته كما أشار إلى ذلك بقوله :
وفي دار الحديث لطيف معنى |
|
على بسط لها أصبو وآوي |
لعلِّي أن أنال بحرِّ وجهي |
|
مكاناً مَسّه قدم النواوي (٤٤٣) |
٢ ـ «وعاد الشيخ أبو إسحاق إلى بغداد في أقل من أربعة أشهر ، وناظر إمام الحرمين هناك ، فلما أراد الإنصراف من نيسابور ؛ خرج إمام الحرمين للوداع وأخذ بركابه حتى ركب أبو إسحاق ، فظهر له في خراسان منزلة عظيمة. وكانوا يأخذون التراب الذي وطئته بغلته فيتبركون به» (٤٤٤).
٣ ـ «ولما مات ابن تيمية ؛ كان تشييه حافلاً حتى ضاقت الطريق لجنازته ، وانتهى إليها الناس من كل فج عميق ، واشتد الزحام ، وألقوا على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك ... وكسرت أعواد سريره ؛ لكثرة تعلق الناس به ، وشربوا ماء غسله للتيمن به ، لما اشرب في قلوبهم من حبه ، واشتروا
__________________
(٤٤٢) ـ الأحمدي ، الشيخ علي : التبرك / ١٣ ، ١٨.
(٤٤٣) ـ الفاكهي ، الشيخ عبد القادر : حسن التوسل (المطبوع بهامش كتاب) ـ الإتحاف يحب الأشراف / ٦٠.
(٤٤٤) ـ ابن خلطان ، أحمد بن محمد بن أبي بكر : وفيات الأعيان ، ج ٢ / ١٢٢.