الثاني ـ الشيخ يوسف البحراني (قده) : «ويحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة في المنبر والروضة ، بأن يكون حقيقتها كذلك ، وإن لم يظهر في الصورة بذلك في الدنيا ؛ لأنّ الحقائق تظهر بالصور المختلفة ، وعن أبي الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما بين بيتي وقبري ومنبري ، روضة من رياض الجنة ، ومنبري على ترعة من ترع الجنة ، وقوائم منبري ربت في الجنة ، قال : قلت هي روضة اليوم ، قال : نعم لو كشف الغطاء لرأيتم). أقول : وفي هذا الخبر ما يدل على ما ذكره ذلك البعض المتقدم» (٢٢١). وقريب منه ما ذهب إليه جمع من علماء العامة وأشار إلى ذلك السمهودي بقوله : «وهو أن تلك البقعة نفسها روضة من رياض الجنة كما كان ، ويكون للعامل بالعمل فيه روضة في الجنة ؛ قال : وهو الأظهر ؛ لعلو مكانته عليه السلام ؛ وليكن بينه وبين الأبوة الإبراهيمية في هذا أشبه ، وهو أنّه لما خص الخليل بالحجر من الجنة خص الحبيب بالروضة منها. قلت : وهو من النفاسة بمكان ، وفيه حمل اللفظ على ظاهره ؛ إذ لا مقتضى لصرفه عنه ، ولا يقدح في ذلك كونها تُشَاهَد على نسبة رياض الدنيا ، فإنّ ما دام الإنسان في هذا العالم لا ينكشف له حقائق ذلك العالم ، لوجود الحجب الكثيفة والله أعلم. وتخصيص ما أحاطت به البَيْنيّة المذكورة بذلك ، إما تعبداً وإما لكثرة تردده (صلى الله عليه (وآله) وسلم) بين بيته ومنبره ، وقرب ذلك من قبره الشريف ، الذي هو الروضة العظمى ، كما أشار إليه ابن أبي جَمْرَة أيضاً» (٢٢٢).
__________________
(٢٢١) ـ البحراني ، الشيخ يوسف بن الشيخ أحمد : الحقائق الناضرة ، ج ١٧ / ٤١٦.
(٢٢٢) ـ السمهودي ، نور الدين علي بن أحمد : وفاء الوفاء ، ج ٢ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠.