قلت : لقد أثار بيانك تعجبي! وكأنّك نسيت قرارنا في المجلس الأول على أن لا نستدل في احتجاجنا بالأحاديث غير المعتبرة لدى الخصم ، بل يجب أن تأتي بالشاهد وتستدل عليّ بالأحاديث المقبولة عندنا ، وهذا الحديث مردود وغير معتبر عندنا.
الشيخ عبد السلام : أظن بأنكم عزمتم أن لا تقبلوا منّا حتى رواية واحدة في فضل الشيخين!
قلت : لقد بيّنت قبل هذا : أننا أبناء الدليل حيثما مال نميل ، وأمّا ظنّك فباطل ولا يغني من الحق شيئا ، لأنّي ما قبلت روايتك لا لكونها في فضل الشيخين ، بل لأنّ الراوي متهم بالجعل والكذب حتى عند علمائكم كالخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد وغيره من الأعلام المشتهرين في علم الرواية والدراية قالوا فيه ذلك عند ترجمته ، وهذا العلاّمة الذهبي المعتمد عليه في هذا الفن ، فقد قال في ترجمة عبد الرحمن بن مالك في ميزان الاعتدال ج ١٠ / ٢٣٦ / قال : هو كذّاب أفّاك وضّاع لا يشك فيه أحد.
فأنصفوا .. بعد ما سمعتم هذا التصريح في راوي الحديث ، هل يطمئن قلبكم وتسمح نفسكم أن تقبلوا رواياته؟!
ثم فكّروا .. أين حديث هذا الكذّاب الأفّاك الوضّاع .. من حديث جابر ، وسلمان ، وأبي سعيد ، وابن عباس ، وأبي ذر الصادق المصدّق ، فقد روى جماعة من الأعلام منهم : العلاّمة السيوطي في الجامع الكبير : ج ٦ / ٣٩٠ ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ج ٢ / ٢١٥ ، وفي جامع الترمذي ج ٢ / ٢٩٩ ، وابن عبد البر في الاستيعاب ج ٣ / ٤٦ ، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ج ٦ / ٢٩٥ ،