فجعل معاوية يتعجّب ، ويقول : هيهات هيهات! عقمت النساء أن يلدن مثله! انتهى.
فقارنوا بين الاثنين ، واعرفوا الحقّ في (علي) أمير المؤمنين عليهالسلام.
عفوه عن الأعداء
كان عليّ عليهالسلام في أعلى مرتبة من مراتب العفو والصفح ، كان يقول : لكلّ شيء زكاة ، وزكاة الظفر بعدوّك العفو عنه.
ولقد عفا عن مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير لمّا ظفر بهما وهما أسيران مقيّدان في يوم الجمل ، فأمر بفكّ قيدهما وأطلق سراحهما ، مع العلم أنّهما كانا من ألدّ أعدائه وأشدّ مبغضيه.
وصفحه عن عائشة ، أعظم من كلّ عفو وصفح ؛ لأنّها سبّبت تجمّع الناس الغافلين ، وأغوت الجاهلين ، وقادتهم لقتال أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليهالسلام ، فهي التي أضرمت نار الحرب وأجّجت الفتنة ؛ ومع كلّ ذلك ، لمّا اندحر أنصارها ، وانكسر جيشها ، وسقطت من الجمل مغلوبة مقهورة ، أسيرة في أيدي المؤمنين ، أمر الإمام عليّ عليهالسلام أخاها محمد بن أبي بكر أن يأخذها إلى بيت في البصرة ويقوم بخدمتها ويكرمها.
وبعد ذلك هيّأ الإمام عليّ عليهالسلام عشرين امرأة من قبيلة عبد القيس ، وأمرهنّ بلبس ملابس الرجال والعمائم ، وأن يحملن معهنّ السيوف والسلاح ويتلثّمن حتّى لا يعرفن ، وأمرهنّ أن يحطن بأمّ المؤمنين عائشة ويوصلنها إلى المدينة المنوّرة ، وأرسل خلف النسوة رجالا مسلّحين ليراقبوهنّ من بعيد ويذبّوا عنهنّ عند الحاجة.
فلما وصلت إلى المدينة ونزلت بيتها واستقرّت ، اجتمعت