لما ذا قعد عليّ عليهالسلام ولم يطالب بحقه؟
إنّ عليا عليهالسلام كان متفانيا في الله سبحانه ، فلا يريد شيئا لنفسه ولا يطلب المصالح الشخصيّة ، بل أثبت في حياته وسلوكه أنّه عليهالسلام كان وراء المصالح العامّة ، وكان يبتغي مرضاة الله تعالى بالحفاظ على الدين ، وإبقاء شريعة سيد المرسلين. ولا يخفى أن الإسلام في ذلك الوقت كان بعد جديدا ولم ينفذ في قلوب أكثر معتنقيه ، فكانوا مسلمين بألسنتهم ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم ، لذا كان الإمام علي عليهالسلام يخشى من حرب تقع بين المسلمين إذا جرّد السيف لمطالبة حقه بالخلافة التي كانت له لا لغيره ، أو مطالبة فدك لفاطمة الزهراء عليهاالسلام أو مطالبة إرثها من أبيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذي منعها أبو بكر بحجّة الحديث الذي افتراه على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث»!
فسكت عليّ عليهالسلام وسكن لكي لا تقع حرب داخلية ، لأنّه كان يرى في المطالبة بحقه في تلك الظروف الزمنية زوال الدين
__________________
(ص) : أبكي لضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك إلاّ بعدي ، فقلت : في سلامة من ديني؟ فقال : في سلامة من دينك»].
أقول : ورواه العلاّمة الكنجي الشافعي في كتاب كفاية الطالب الباب السادس والستون بالإسناد إلى ابن عساكر وهو بإسناده إلى أنس بن مالك ـ والرواية أكثر تفصيلا ممّا في المناقب والينابيع ـ ثم قال العلاّمة الكنجي بعد نقل الرواية : هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله ومنّه. وهذا سياق الحافظ مؤرّخ الشام ، في مناقب أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام.
«المترجم»