فلذلك كان يقول : إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه (١).
ردّ الدليل الثالث
وأمّا دليلكم الثالث ، وهو قول عمر بن الخطّاب بأن النبوّة والحكم لا تجتمعان في أهل بيت واحد ، فبطلانه وزيفه واضح ، بدليل قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٢).
__________________
وتوعّد من لجأ إلى دار فاطمة عليهاالسلام من الهاشميّين وأخرجهم منها. ولولاه لم يثبت لأبي بكر أمر ولا قامت له قائمة.
انتهى كلام ابن أبي الحديد.
(١) قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٦ : فأمّا حديث الفلتة ، فقد كان سبق من عمر أن قال : إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرّها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه!
ثمّ نقل معنى «الفلتة» في صفحة ٣٦ و ٣٧ فقال : ذكر صاحب «الصحاح» أنّ الفلتة ، الأمر الذي يعمل فجأة من غير تردّد ولا تدبّر ؛ وهكذا كانت بيعة أبي بكر ؛ لأنّ الأمر لم يكن فيها شورى بين المسلمين ، وإنّما وقعت بغتة لم تمحّص فيها الآراء ، ولم يتناظر فيها الرجال ، وكانت كالشيء المستلب المنتهب.
أقول : لقد عبّر أبو بكر عن بيعته أنّها كانت «فلتة» قبل عمر ، كما روى ذلك ابن أبي الحديد في شرحه ٦ / ٤٧ عن عمر بن شبّة ... ثمّ قام أبو بكر ، فخطب الناس ، فاعتذر إليهم ، وقال : إنّ بيعتي كانت «فلتة» وقى الله شرّها ...
ولا يخفى أن قول عمر بأن تلك البيعة كانت فلتة وقى الله المسلمين شرّها ، قد نقله البخاري في صحيحه : ج ٤ ص ١٢٧. «المترجم»
(٢) سورة النساء ، الآية ٥٤.