راض عمّا حصل ، لأنّه كان يريد الخلافة لنفسه ، وتبعه قومه الخزرجيّون وخرجوا من السقيفة غاضبين.
هذا هو سبب استعجال الشيخين في أمر الخلافة ، ولو لا اتّخاذهما ذلك الموقف الحاسم في السقيفة لكان الأمر يؤول إلى النزاع بين قبيلتي الأنصار : الأوس والخزرج.
قلت : ما كان اجتماع الأنصار في السقيفة من أجل تعيين خليفة ، بل كانوا بصدد تعيين أمير لأنفسهم ، وأخيرا كاد التوافق يحصل بأن يكون للأوس أمير وللخزرج أمير ـ وهو أشبه شيء برئيس القبيلة وشيخ العشيرة.
فهنا اغتنم الشيخان أبو بكر وعمر الفرصة من نزاع القوم ، فتقدّم أبو بكر وتكلّم في أمر الخلافة ، وتعجّل عمر في بيعته ، وإلاّ لو كان الاجتماع من أجل تعيين خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكان الاجتماع يضمّ كلّ الصحابة الّذين كانوا في المدينة المنوّرة من المهاجرين والأنصار ، وحتّى الّذين كانوا في معسكر أسامة بن زيد خارج المدينة.
فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أواخر أيّامه عقد راية لأسامة وأمر المسلمين بالانضمام تحتها ، وكرّر الأمر بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنفذوا جيش أسامة ، لعن الله من تخلّف عن جيش أسامة!
وكان الشيخان تحت إمرة أسامة بن زيد ، ولكنّهما تخلّفا وتركا المعسكر ، فكان المفروض عليهما أن يستشيرا أميرهما في مثل ذلك الأمر الهامّ ، ولكنّهما استبدّا بالرأي وما شاوراه!
فلذلك لمّا سمع بما حدث في السقيفة وأنّ أبا بكر صار خليفة جاء إلى مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واعترض ، فاقترب منه عمر قائلا : لقد انقضى