فكيف استخرجتم هذا المعنى ، وخصّصتم الأمّة بأهل الحلّ والعقد والسنام ـ أي الطبقة العليا من المجتمع ـ ثمّ ألزمتم الآخرين باتّباع رأي أولئك وإطاعتهم؟!!
والحال أنّ إضافة الأمّة إلى ياء المتكلّم ، أو نسبتها إلى ياء النسبة تفيد العموم ، فلا يجوز عند النحويّين أن تخصّص الأمّة بعدد من الصحابة دون الآخرين.
وحتّى إذا سلّمنا أن الإجماع يحصل بتوافق أهل الحلّ والعقد ، فهل الّذين حضروا السقيفة كانوا أهل الحلّ والعقد دون سواهم؟!
أم كان في المدينة وحواليها آخرون من أهل الحلّ والعقد ، ولم يحضروا آنذاك في السقيفة؟!
فهلا أخبروهم بانعقاد ذلك المؤتمر ودعوهم للحضور؟!
وهلا استفسروا عن رأيهم في خلافة أبي بكر؟!
الحافظ : الظروف ما سمحت بذلك ، فإذا كان على الشيخين أن ينتظرا رأي جميع أهل الحلّ والعقد الّذين كانوا في المدينة المنوّرة وخارجها ، لكانت دسائس المنافقين تعمل عملها ، فلذلك لمّا سمع أبو بكر وعمر (رض) أنّ جماعة من الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ، ليتشاوروا في أمر الخلافة ، أسرعا إليها وتكلّما بكلام استوليا به على الوضع.
ثمّ إنّ عمر ـ الذي كان رجلا سياسيا وشيخا محنّكا ـ رأى صلاح الإسلام في أن يبايع أبا بكر بالخلافة ، فمدّ يده وبايعه ، وتبعه أبو عبيدة ابن الجرّاح والأوسيون.
فلمّا رأى سعد بن عبادة ذلك ، خرج من السقيفة غاضبا غير