ولا أدري لم استحقّ هذا الرجل الكريم ذلك الظلم العظيم؟!
وكيف نسي عثمان منزلة أبي ذرّ ورتبته السامية عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟
وكيف نسي حديث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّه حين أعلم المسلمين فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم «إنّ الله أمرني بحبّ أربعة ، وأخبرني أنّه يحبّهم».
قالوا : يا رسول الله! ومن هم؟
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم «عليّ منهم ـ ثلاثا ـ ثمّ قال : وأبو ذرّ ومقداد وسلمان».
ذكر هذا الحديث كثير من أعلامكم ، منهم : الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ١٧٢ ، وابن ماجة في السنن ١ / ٦٦ ، والحافظ سليمان القندوزي في ينابيع المودّة : الباب ٥٩ ، وابن حجر المكّي في «الصواعق المحرقة» الحديث الخامس من الأربعين حديثا في فضل الإمام عليّ عليهالسلام عن الترمذي والحاكم ، وابن حجر العسقلاني في الإصابة ٣ / ٤٥٥ ،
__________________
فأغضب عثمان ذلك ، ونفاه إلى الشام ، فكان أبو ذرّ في الشام ، ينكر على معاوية أشياء يفعلها ، فبعث إليه معاوية ثلاثمائة دينار ، فقال أبو ذرّ : إن كانت هذه من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها ، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها ؛ وردّها عليه.
وبنى معاوية الخضراء بدمشق ، فقال أبو ذرّ : يا معاوية ، إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهو الإسراف.
قال ابن أبي الحديد في ٣ / ٥٥ : وكان أبو ذرّ رحمهالله تعالى يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا سنّة نبيّه ، والله إنّي لأرى حقّا يطفأ ، وباطلا يحيا ؛ وصادقا مكذّبا ، وأثرة بغير تقى ، وصالحا مستأثرا عليه ... إلى آخره.
«المترجم»