فإن شئت قلت : إن مقتضى اعتبار العلم الإجمالي وكونه مؤثّرا في الخطاب المنجّز ـ كما هو المفروض في المقام ـ احتمال الضّرر في كل محتمل من أطرافه ، والاضطرار إلى واحد معيّن بعده لا يقتضي إلاّ ارتفاع الاحتمال المذكور بالنسبة إليه في حكم العقل على تقدير المصادفة للحرام ، فيلقى (١) بالنسبة إلى غيره من محتملات المعلوم بالإجمال ، فيجب بحكم العقل الاجتناب عن جميع ما عداه ؛ دفعا للضّرر المحتمل ، هذا بناء على ما قضى به التحقيق في باب إذن الشارع في ارتكاب بعض أطراف الشبهة وبنى عليه شيخنا الأمر عليه في الجزء الأوّل من « الكتاب » : من عدم لزوم جعل البدل الظاهري للواقع على الشارع عند إذنه في ارتكاب بعض أطراف الشبهة.
وأما بناء على ما بنى الأمر عليه في هذا الجزء : من عدم جواز الإذن عليه في ارتكاب البعض إلاّ بعد جعل الاجتناب عن غيره من الأطراف بدلا ظاهريّا عن اجتناب الحرام الواقعي فكذلك أيضا ؛ لأن المفروض تنجّز الخطاب بالواقع من جهة العلم الإجمالي الحاصل قبل الاضطرار ، فلا يجوز الإذن من الشارع إلاّ بعد جعل البدل على ما هو مبنى هذه الطريقة ، وهذه بخلاف الصورة الأولى ؛ فإن المفروض فيها حصول الاضطرار قبل العلم الإجمالي ، وقد حكم بكونه مانعا من تنجّز الخطاب بالواقع المعلوم فليس هناك خطاب إلزامي منجّز بالنّسبة إلى الواقع
__________________
(١) الصحيح : فيلغى.